+ A
A -
استغرب جداً من التباين في أولويات شباب اليوم عن نظيرتها لدى أجيال أيام زمان.. ففي زمن شبابنا كنا نعمل وندخر ونسعى ونجتهد لأجل مقتضيات الزواج التي تشمل عناء البحث عمن يخفق لها القلب والبيت أو الشقة والشبكة، وتجهيز بيت الزوجية وكلفة حفل الزواج..الخ، أما بعض شباب اليوم صار لا يحفل بالزواج ومتطلباته مثلما يحفل بشراء سيارة تروق له، ليس لأن هناك من يسيء إلى سمعة الزواج ومشاكله وتضاريسه التي صارت وعرة في هذا الزمن، ولكن لأن عالم السيارات بتقنياته المبتدعة صار مغرياً وجذاباً لكل الشباب في العالم، حتى أن السيارة في عرف كثيرين من شباب هذه الأيام صارت أهم من العروس، حتى أن هؤلاء الشباب صاروا يدققون في مواصفات السيارة ومزاياها أكثر من تدقيقهم في خصال وسجايا الفتيات اللواتي سوف يقترنون بهن.
إحدى شركات السيارات، وبذكاء خبيث، ربما أدركت ما صارت تحتله السيارات لدى شباب اليوم، ولهذا تدرس هذه الشركة إمكانية أن تتناسب السيارات مع مشاعر سائقيها، بإدخال أجهزة استشعار بيومترية في السيارات، ما يسمح للسيارة بفهم ما إذا كان سائقها تعِباً أو متوتراً. وفي هذه الحالة، يمكن للسيارة أن تُصدِر توجيها أو تنبيها، أو ربما تتولى عجلة القيادة بنفسها في ظروفٍ قصوى، وعلى حد ما نقلته صحيفة بريطانية، ومن ثم يمكن القول إن صانعي السيارات اليوم بدؤوا في توظيف السيكولوجيا في اجتذاب الشباب، في اعتقاد بأن السيارة التي تفهم المشاعر يمكنها أن تجعل القيادة أكثر أمنا، فإن كانت العروس تبدي إهمالا لمشاعر شريك حياتها، أو تعطيه الأذن «الطارشة» كما يقولون، فإن السيارة تقدم للشاب سائقها ما لا تقدمه هذه العروس النكدية، فتبدو السيارة حانية ورشيقة العواطف، بينما الزوجة ينبعث منها غضبا أو ضجرا كريها، وربما لذلك تترجح كفة السيارة على العروس!
ورغم هذا الاحتفاء الشبابي بالسيارات إلا أن دول عالمنا العربي لم تشرع بعد في إنتاج سيارة عربية مائة بالمائة تكتسب شهرة عالمية، فنحن في أحسن الأحوال، نقوم بتجميع سيارات الآخرين، ولم ننافس قدامى منتجي السيارات أو حتى المنافسين الجدد الذين دخلوا سوق السيارات، وأصبح لهم فيه حصتهم الكبيرة.
وما يلفت أيضا في سوق السيارات العالمي أن ألمانيا تجلس باقتدار على عرش صناعة السيارات في العالم، وأنها تفوقت على بريطانيا، ويسعى الأميركيون إلى منافسة الجميع وإنعاش صناعة السيارات لديهم، حتى لا يجدوا سيارات الدول الأخرى تعبئ شوارع مدنهم، أما الروس فلايزالون خارج المنافسة، رغم تبينهم مؤخرا أن أثرياءهم يفضلون سيارات أوروبية ويابانية متقدمة، حتى أن شركة لامبورغيني الإيطالية أعلنت عن تسجيلها رقما قياسيا لمبيعات سياراتها الفارهة في روسيا.
وكل ذلك التنافس في العالم حول مزايا السيارات لم يحرك ساكنا في عالمنا العربي، بينما أعلنت كينيا أنها تسعي لأن يكون لديها صناعة سيارات ضخمة وقوية لتتفوق على جنوب إفريقيا ومصر!
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
06/02/2018
2827