+ A
A -
1- -
قدر لنا أن نكون حضوراً، لمدة يومين، لاجتماع قمة الاتحاد الإفريقي في دورتها الثلاثين بأديس أبابا.
أكثر ما كان لافتاً لنظر المراقبين، الحضور الكبير للرؤساء الأفارقة والتغطية الإعلامية الواسعة التي حظيت بها القمة، من مختلف الأجهزة الإعلامية في العالم.
بل أن القمة حظيت بمشاركة رؤساء أفارقة تغيبوا عن قمم سابقة، مثل الرئيس النيجيري محمد بخاري الذي غاب عن قمتين سابقتين لـ«أسباب صحية».
كما شارك في القمة للمرة الأولى رئيس ليبيريا المنتخب، جورج ويا، لاعب كرة القدم المشهور.
وكان ضمن حضور القمة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، الذي تغيب عن عدد من القمم الإفريقية الماضية بسبب الصراع الدائر في بلاده منذ منتصف 2013.
- 2
عملت القمة، على مدى يومين، على تعزيز الالتزام السياسي في إفريقيا خالية من الفساد، والعمل على ترسيخ الديمقراطية كقيمة وممارسة، لتحقيق شعار 2063: «إفريقيا التي نريد».
وناقش القادة الأفارقة في هذه القمة سلسلة من القضايا المهمة، مع التركيز بالخصوص على الملف الشائك المتعلق بإصلاح المؤسسة الإفريقية وتمويل المنظمة.
والغرض من الإصلاح تركيز عمل المنظمة على أربعة مجالات محددة، هي: السلام والأمن والقضايا السياسية وإحداث منطقة للتبادل الحر القاري وتمثيل المنظمة في القضايا العالمية.
3-
وعلى المستوى الأمني، بحثت القمة ظواهر الإرهاب والجريمة المنظمة وإيجاد أفضل الحلول لظاهرة الهجرة السرية التي تهم العديد من البلدان الإفريقية والغربية كذلك.
واستحوذ موضوع الهجرة على حيز واسع ضمن مناقشات قادة الدول ورؤساء الحكومات.
4-
كل ذلك كان مهماً، ولكن كان الأهم ما حدث على هامش القمة، فتح ملف سد النهضة الإثيوبي الذي أوصل العلاقة بين ثلاث دول مهمة في إفريقيا (السودان ومصر وإثيوبيا) إلى مراحل الحرب السياسية والمناوشات الإعلامية والتحرشات العسكرية.
ذلك الملف أوصل القاهرة لأن تُنسِّق عسكريَّاً مع أسمرا على حدود السودان الشرقية.
والسودان استجاب لذلك الاستفزاز على أجنحة البرق وأرسل قوات الجيش وكتائب الدعم السريع إلى الحدود، للاستعداد للتعامل مع كُلِّ السيناريوهات.
بل أن السودان سحب سفيره بالقاهرة عبدالمحمود عبدالحليم، في وقت لم تكف أجهزة الإعلام المصري عن الإساءات.
5-
توقَّفَتْ أعمال اللجنة الفنية الخاصة بسد النهضة، بعد صدور تقرير استهلالي للمُستشار الفرنسي الذي أوكلت له الدول مهمة رسم خريطة طريق لتعظيم فوائد السد للدول الثلاث وتقليل مخاطره.
الخرطوم وأديس كانت لهما ملاحظات نقدية لبعض النقاط في تقرير المستشار، اعترضت عليها مصر وطالبت بقبول ما جاء في التقرير.
وفشلت مصر في تمرير مُقترحي التفاوض الثنائي المصري- الإثيوبي، وإبعاد السودان، وإدخال البنك الدولي طرفاً رابعاً في التفاوض. لكل ذلك حاولت مصر استخدام أوراق ضغط أكثر غلظةً في التعامل مع السودان، لتليين مواقفه أو زحزحة مقعده بعيداً عن طاولة مفاوضات سد النهضة.
6-
في هذه الأجواء تمَّ اللقاء الثلاثي بين رؤساء (السودان ومصر وإثيوبيا) الذي استمرَّ بفندق شيراتون أديس أبابا لساعة وربع الساعة.
في ذلك اللقاء اتفق الرؤساء على تجاوز الخلافات القائمة، وقرَّروا تشكيل لجنةٍ سياسيةٍ عاجلة، تضمُّ وزارات الخارجية والريِّ ومديري أجهزة المخابرات.
لوضع خريطة طريق لإيجاد حلول للخلافات خلال شهر، وتُرفع توصياتها للرؤساء الثلاثة، على أن تُواصل اللجنة الفنية عملها.
7-
رغم ما قِيل، وتمَّ الاتفاق عليه، ونفيِ وجود أزمة، وتكرار مشهد تشابك الأيادي؛ إلا أن الخوف من شياطين التفاصيل لايزال يُخيِّم على أجواء العلاقة بين الدول، ويُشكِّكُ في انقشاع سحب الظنون السيئة المتبادلة.
-أخيراً-
من الراجح أن ما حدث في أديس أبابا لا يتجاوز أن يكون سوى إعادة مشاهد وأقوال قديمة، الغرض منها تهدئة مؤقتة سرعان ما يعود الصراع إلى مراحل أكثر ضراوة وشراسة في ليالي الخناجر الطويلة.

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
04/02/2018
2282