+ A
A -
لم أعانِ مثل ذلك الألم، بعد ان رأيت بأم عيني نشأة »عصر الآلهة الصغار«. وما يزيد في حدته، شعور أولئك الآلهة المزعومين انهم آلهة بالفعل، وأن ما بات مطلوبا الآن، رعية من الأبالسة ليس هناك ما هو أسهل من العثور عليها مع كامل الاستعداد للركوع والسجود، أو الرقود على بيض ذهبي يتكاثر كما الفيروس.
قيل في الزمن الغابر إن الخيانة لا تزدهر، بل تتلاشى ثم تموت بلا قتال، لكن آلهة القرن الحادي والعشرين تُشغّل عدادات متطورة، وتصب ماء الذهب والفضة المغلية على رؤوس المشككين، ما يمنح الخائن والخيانة وقتا يكفي لاستبدال الإبصار بالعمى.
لم تعد هناك مشكلة تواجه عدادي النقود او توقف دورة الدولار الترليونية التي ابتكرها ثراء ورقي مارق وحارق. لكن تشريعات صدرت لخنق أصحاب المليارات، على وقع دمار إسمنتي يفرغ الحقيقة من مكوناتها. ويجب التذكير بأنه لا شيء مما يحدث، يحدث حقا، إلا في أدمغة الآلهة الصغار وعداداتهم الالكترونية.
وإذ يرسم هؤلاء، وهم خبراء في الجهل ليسوا قليلي العدد، خريطة تخريبية تبدأ بإقليمنا على أمل أن تشمل العالم، وتُشغِّله في نشر الدعوة إلى قطع الرؤوس التي ندمت على القرصنة والتعديات ونصب الكمائن وتوظيف القوة لكسر إرادة الشعوب.
الحقيقة أننا عدنا إلى عصر الساحرات اللاتي كنّ يُعاقَبنَ بالحرق، لكن حَمَلةَ المشاعل أصبحوا مطالبين اليوم بإكرام »الضيف« بمعسول الكلام واستدراجه الى المكان اللائق لإقناعه بتسليم ما يملك حتى لا يجابه معنى أنْ يرفض ذلك.
لا نريد أن نفكر كثيرا في الذي حدث ويحدث، أو حتى الظن بجدواه، فقد سبق السيف العذل، ولم يعد ثمة وقت للهزل. فكل ما شاهدناه من مغامرات على الشاشة الفضية يتكرر على قاعدة ان كل قرن له صفقة، وكل صفقة لها منفذ يبتسم، او آخر خبير في تقطيع الوجوه المتجهمة.
كُنْ كنزا لا مستفزا ولا مبتزا، وتقاسَم الغَلّة. هذه الفلسفة معممة على الأصدقاء والحلفاء ليس فقط في مجال المليارات والترليونات المحسوبة، بل في كل اتفاقية او مشروع له علاقة بالبنى التحتية او الفوقية. إذ ان الكل بانتظار ما ستمنحه الدجاجات من بساتين البيض الذهبي شديد اللمعان.
المعركة الآن مع من يقاومون، لكننا مضطرون لأن نقول لأصحاب هذا القرار الطائش والمراهق، ان الفشل حليف أفكار مستوردة من القرون الوسطى. ولعل ما يجري الآن هو بدء العد العسكي لأسطورة نبتت في رؤوس أقل ما يقال عنها إنها عفنة، لأنها في واقع الامر ليست صفقة القرن كما يظنون، بل صَفْعَتُه كما سيرون عندما تنعقد ألسنتهم.
ملاحظة:
هي من القلب وليس على الهامش، فاليوم 20/1 من عام «2018» هو اليوم الأخير من زاويتي «باختصار» التي كتبت أولاها في 3/9/1995. أفهم أن لكل شيء نهاية وأن لكل إنجاز مشاركين، لكني لن أذكر أي اسم لأن القائمة ستطول، وستطول معها المعاناة.
تحية إلى كل الحطب الذي احترق، والذي لم يحترق بحرفي المتواضع ولكنْ الغاضب، على أمل أن نلتقي في فضاء ما، أو نصطدم ببعض الذي كُتب سواء لنفخر أو لنسخر، أو أي شعور آخر بينهما!
م.ح
copy short url   نسخ
20/01/2018
2782