+ A
A -
في اعتقادي أننا إذا تجاوزنا البُعد العربي، تصبح دولنا الخليجية بلا مغزى. لماذا كانت دول الخليج فاعلة أيام كان البُعد العربي مركزياً، ولماذا أصبحت مصدراً للانفلات والتشرذم بعد غياب هذا البعد كما نشهد اليوم؟ ما طبيعة هذه الدول إذا ما استبعدنا البعد العربي من تكوينها وأهدافها؟ ليست سوى أقليات تسكن أرضاً غنية بالموارد الطبيعية، قابله للانجذاب والتشظي، لماذا كانت بعض قياداتها في السابق حيث الارتباط بالبعد العربي قيادات كبيرة ومرتبطة بأهداف كبرى؟ ولماذا أصبحت بعد التفريط في البُعد العربي قيادات تتسابق في أداء دور السمسار والوكيل لقوى الخارج؟ البُعد العربي كان مادة لاصقة للدولة في الخليج وفي الوطن العربي بشكل عام، هذه الدول كانت تحتاج إلى حامل اجتماعي ولاصق اجتماعي لها فكان هو البُعد العربي حيث أمكن معالجة كثيراً من المشاكل والأزمات من خلال هذا البعد وعدم السماح بالقوى الخارجية لاقتناص الفرصة والتدخل، ويبدو الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت والدور الذي يقوم به محاولة أخيرة للحفاظ على هذا البُعد العربي المتآكل كمغزى وهدف ويبدو ما يلاقيه من صدود وجحود مثالا أيضاً واضحا للكُفر والجحود به من قبل دور الحصار بغباء وتهور لم يسبق لقيادة عربية خليجية أن ارتكبته، اليوم بعد غياب هذا البُعد تدخل المنطقة في حالة من التشظي والاستقطاب تبدو واضحة بجلاء لكل مراقب.
إيران، تركيا، روسيا، أميركا، كل هذه الدول لها قدرة على الجذب لشظايا هذه الدول طالما افتقدت البُعد العربي، غياب مصر عن دورها كارثة، سقوط العراق كارثة كبرى، ووضع سوريا وليبيا واليمن فيه من المأساوية ما يندى له جبين العرب والمسلمين جميعاً، ارتبط قادة الخليج الكبار بالبعد العربي فتعالوا على الخلافات البينية الصغرى، اليوم التهديد على أشده بين أبناء الخليج الواحد، اليوم قرأت لمغرد إماراتي أن الإمارات مستعدة للهجوم على قطر وأن البحرين والسعودية يقفان معها، ولم يتساءل هو وأمثاله عن نسبة المواطنين في الإمارات من مجموع عدد المقيمين حتى يسارع للهجوم على نصفه الآخر في قطر؟ لم يتساءل عن عدد المواطنين في البحرين أو في السعودية مقارنة بنسبة الأجانب والمقيمين؟ ولم يسأل نفسه، ماذا سيتبقى من هذه الدول لو نشبت حرب بينه وبين أطرافها؟ ولم يتساءل عن هذه القيادات من سيتبقى منها؟ أسئلة كثيرة يمكن طرحها في هذا المجال تثبت أننا أصبحنا دولاً بلا مغزى بعد إسقاط البُعد العربي، ماذا تعني البحرين، قطر، الكويت، الإمارات، السعودية غير آبار نفط وغاز ومصادر للطاقة، البُعد العربي جعل منها دولاً لها أهداف وجعل من وجودها ذا مغزى، ليس أمامها بعد غيابه وهناك من يعمل على تغييبه بقصد إلا أن تصبح شركات ومناطق صناعة وتجارة على نمط الكانتونات الأخرى في العالم مثل هونغ كونغ وسنغافورة.. الخطورة الآن أن بعض قيادات هذه الدول غير واعية بذلك ولا تدرك أن مصيرها مرتبط ببعض وأن الشعوب هي من سيدفع الثمن خاصة أن مظاهر التوطين السكاني والهندسة السكانية والاجتماعية باتت واضحة، وتبدو الإدارة الأميركية الأعنف في تاريخنا في تحقيق رؤية إسرائيل في المنطقة وما الدفع بقيادات متهورة مثل المحمدين وبهذه السرعة إلا مؤشر خطير نحو الهاوية، التهديد الإماراتي لقطر والاستفزازات الأخيرة تمثل بداية قصة «الثيران الثلاثة والأسد» حيث يعترف الثور الأخير أنه أُكل يوم أُكل الثور الأول.
بدأت الدولة في الخليج نعيش مرحلة «اللامغزى» حين فرطت في البُعد العربي اللاصق بين مكوناتها قيادة أولا وشعوباً ثانيا، منذ أن تهاونت في ضياع العراق ومنذ أن ساعدت أجندات صغرى هنا وهناك في الربيع العربي على حساب الأجندة العربية، منذ أن وضعت القضية الفلسطينية في الأدراج وطويت صفحتها لأنها الرابط الحقيقي للبُعد العربي الذي جعل من دولنا كبيرة في مغزى وجودها وجعل من قياداتها عظيمة في تطلعاتها وآمالها.. القادم أفظع إذا لم يتداركنا الله بلطفه ورحمته.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
18/01/2018
2992