+ A
A -
لا تندهش كثيرا إذا شاهدتَ قفص حمام وعددا كبيرا من البيض الملون في صندوق ذهبي تحمله ثلة من الجنود والمزارعين الى بوابة البيت الابيض، فأشياء كثيرة تغيرت هناك، على صعيد المجاملات والهدايا.
وإذا كان ترامب اكثر اهتماما بتطورات النفط وأسعار العقارات، من اهتمامه بالصراع مع موسكو او بيونغ يانغ او الصين، او حتى مستقبل القدس، فإن اهتماماته تتأكد عبر تقديمه دعما ثابتا لاسرائيل لإبعادها عن حل الدولتين.
ويرى »ريتشارد فاتر« الباحث في جامعة »ناوسند« ان خطاب ترامب يختلف عن خطاب اي رئيس اميركي في العصر الحديث. وما دام الرئيس الاميركي يصنف نفسه بأنه »عبقري مستقر« ويصف الاماكن التي يفد منها المهاجرون بأنها »حثالة الدول«، فمن الطبيعي ان نقرأ عن مقارنات بين دردشات فرانكلين روزفلت مع الصحفيين قرب المدفأة ولقاءات أوباما مع مستخدمي »يوتيوب«، وتعاطي الرئيس الجديد النشط مع موقع »تويتر« الذي يستقبل تغريدات الرئيس اليومية المثيرة للجدل، والضحك، والتي لا علاقة لها أبدا بزقزقة العصافير.
وقد لا يسعد ترامب عندما يعلم ان الجزء الأغلب من العالم، يعتبر ما فعله بالقدس عملا تخريبيا في نهاية الامر، او عندما يبلغه بعض المقربين منه ان سياسته الشرق اوسطية ستؤخر التسوية هناك الى مستقبل غير منظور. وما يزعج ترامب اكثر من اي شيء تقريبا، ان هناك ما يشبه الاجماع الغربي الذي يتزعمه ماكرون وموغريني وميركل، على ان اعتبار القدس عامة لاسرائيل يعني القضاء على اي اتفاق ممكن في المنطقة.
وكما يعرف المحيطون بترامب، فإن اكثر ما يهمه في بلاد الشام هو بقاء المستوطنات تحت سيطرة اسرائيل تماما كمدينة القدس، وتنازل الشعب الفلسطيني عن حق العودة. ويصيبه غضب عارم عندما يقال له ردا على هذه الشروط ان آراء كهذه لن تنفذ حتى لو بقي عشرة فلسطينيين فقط على قيد الحياة.
ويقلقه بذات القدر من الاهمية، عدم اليقين الذي يميز السياسة الاميركية، وهو شعور يخلقه سلوك ترامب الاحادي الذي يفاقم الغضب في كل ارجاء الاتحاد الاوروبي، مع ما يعنيه ذلك من ازدياد عزلة الولايات المتحدة في العالم.
وعلى عكس معظم مرشحي الرئاسة الاميركية الذين يخاطبون قاعدتهم الشعبية بداية، ثم يوسعون الدائرة من خلال التواصل مع السلطة، فإن ترامب هو فعلا »خالف تعرف«، اذ رغم تمسكه بالقاعدة، فإنه يفضل تجاهل اصداء تصريحاته في العالم، ومعظمها بطبيعة الحال، سلبية.
في الوقت نفسه فإن زعماء من امثال قادة الصين وروسيا واليابان مقتنعون بأن مفتاح ترامب يكمن في كيل المديح له. ويبدو ان قادة في بريطانيا والنرويج، مثلا، أخذوا يتبنون تكتيك المديح أيضا. هم لا يحملون اقفاص الدجاج طبعا، لكنهم مضطرون لحفظ عبارات المجاملة رغم علامات عدم الارتياح البادية على وجوههم!
آخر الاستطلاعات الجامعية الموثقة تشير الى ان 69 ? من الاميركيين لا يرون ترامب رئيسا متزنا، و57 ? يعتقدون انه غير مؤهل ليقود الولايات المتحدة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
17/01/2018
2729