+ A
A -
وضعت إسرائيل خططا بديلة كثيرة للدعم الأميركي المطلق لها في ظل التراجع الأميركي العالمي من النواحي السياسية والاقتصادية، لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 والأزمة الاقتصادية العالمية التي وقعت في العام 2008 ومازالت آثارها ممتدة حتى الآن، وكانت الهند إحدي الدول التي نجحت إسرائيل في استقطابها بعد عقود من التوتر وعدم الاستقرار بسبب الدعم الهندي التاريخي للقضية الفلسطينية والقضايا العربية، لكن إسرائيل نجحت في أن تقيم علاقات دبلوماسية معها قبل خمسة وعشرين عاما وتحديدا في يناير من العام 1992 حيث حققت قفزات نوعية في تدعيم هذه العلاقة بعدما انشغل العرب بقضاياهم وخلافاتهم وحروبهم الداخلية بعد احتلال صدام حسين للكويت عام 1990، وقد قدمت إسرائيل نفسها للهند كي تكون حلقة الاتصال بينها وبين الدول الأوروبية والغربية من الناحية العسكرية الاقتصادية والتجارية والسياسية كذلك، ودخل البلدان شراكة في عشرات المشاريع الزراعية والعلمية وصناعة السلاح والنقل والتكنولوجيا، وقد أصبحت إسرائيل هي المورد الثاني للسلاح إلى الهند بعد روسيا، أما في مجال التعاون العسكري فقد وفرت الهند لإسرائيل مجالا واسعا لاختبار أسلحتها وغواصاتها في مياهها الاقليمية الواسعة، وقد شكلت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون للهند في العام 2003 نقطة تحول رئيسية في هذه العلاقات التي دعمها بنيامين نتانياهو بزيارته الحالية للهند التي يحتفل من خلالها البلدان بذكري مرور 25 على إقامة العلاقات الدبلومسية بينهما، وقد حظي نتانياهو بحفاوة بالغة في زيارته التي تستعرق ستة أيام من بينها أنه سيلقي الخطاب الرئيسي في المؤتمر السنوي لوزارة الخارجية الهندية الذي يحضره ممثلون عن 86 دولة، كما صحب نتانياهو معه وفدا ضخما يزيد على مائة وخمسين من رجال الأعمال الذين يمثلون قطاعات التكنولوجيا والطيران والزراعة والمجالات العلمية المختلفة، وقد شهدت العلاقات الهندية- الإسرائيلية طفرة نوعية في عهد حكومة ناريندارا مودي اليميني الهندوسي المتطرف الذي قام بأول زيارة لرئيس وزراء هندي لإسرائيل في يوليو الماضي 2017 وأعلن خلالها نقل العلاقة إلى «الشراكة الأستراتيجية» التي دخلت في مجال التعاون الاستخباراتي والأمني، ولا يمكن إغفال وضع باكستان العدو الاستراتيجي اللدود للهند وكذلك إسرائيل باعتبارها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تملك السلاح النووي من هذه الشراكة التي توجها نتانياهو بزيارته للهند والتي أعلن فيها بدء «عصر جديد من العلاقات مع الهند» وذلك بعدما قام بتوقيع سلسلة من الاتفاقات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية ومكافحة الإرهاب والأمن السيبراني والنفط والغاز وصناعة السينما والسياحة والاتصالات الجوية، ووصف مودي بأنه «صديق قريب لإسرائيل ومقرب لي شخصيا، وأنا أقدر مرافقته لي خلال جزء كبير من الزيارة».
لقد عاشت إسرائيل سنوات طويلة من القطيعة الدولية والعيش داخل حدود ضيقة، لكنها الآن بفعل انشغال معظم الحكومات العربية إما بقتل شعوبها أو التحارب فيهما بينها أو التآمر على بعضها أو التنافس في استرضاء إسرائيل، أصبحت دولة كبيرة في عمقها الاستراتيجي وعلاقاتها الدولية، ولا تلام إسرائيل على ذلك وإنما يلام الذين انشغلوا بأنفسهم ومكنوها من ذلك.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
17/01/2018
6981