+ A
A -
كلما شعرت بأنك وحيد وعاجز ومظلوم ومحبط تذكر هذه الحقيقة التي كتبها العالم الجليل «مصطفى محمود» والتي نعرفها وننساها في غمرة اليأس والحزن وخيبات الأمل.. الله موجود!.. هل تعلمون ما معنى أن الله موجود؟ معناه أن العدل موجود، والرحمة موجودة، والمغفرة موجودة، معناه أن يطمئن القلب، وترتاح النفس، ويسكن الفؤاد، ويزول القلق، فالحق لا بد واصل لأصحابه، معناه لن تذهب الدموع سٌدى، ولن يمضي الصبر بلا ثمرة، ولن يكون الخير بلا مقابل، ولن يمر الشر بلا رداع، ولن تفلت الجريمة بلا قصاص.. معناه أن الكرم هو الذي يحكم وليس البٌخل.. وليس من طبع الكريم أن يسلب ما يعطيه، فإذا كان الله منحنا الحياة، فهو لا يمكن أن يسلبها بالموت، وذلك لأن الموت لا يمكن أن يكون سلبًا للحياة، وإنما هو انتقال بها إلى حياة أخرى، ثم حياة أخرى بعد البعث، ثم خروج إلى السماوات إلى ما لا نهاية، معناه أن لا عبث في الوجود، وإنما حكمة في كل شئ.. وحكمة من وراء كل شئ.. وحكمة في خلق كل شيء، في الألم حكمة، وفي المرض حكمة، وفي المعاناة حكمة، وفي القبح حكمة، وفي الفشل حكمة، وفي العجر حكمة، وفي القدرة حكمة، الله موجود معناه ألا يكف الإعجاب، وألا تموت الدهشة، وألا يفتر الانبهار، وألا يتوقف الأجلال، فنحن أمام لوحة متجددة لأعظم المبدعين، الله موجود معناه أن تسبح العين، وتكُبًر الأذن، ويحمد اللسان، ويبهت الجنان، وتتدفق نافورة القلب بالمشاعر، وتحتفل الأحاسيس بكل لحظة، وترف الروح مع كل يوم جديد، وألا نعرف اليأس ولا نعرف القنوط، وأن تذوب همومنا في كنف رحمة الرحيم، ومغفرة الغفار، فالضيق يأتي وفي طياته الفرح، والله يقول «إن مع العسر يسراً»، فأي بشرى أبعث للاطمئنان من هذه البُشرى، ولأن الله- سبحانه- واحد، فلن ننقسم على أنفسنا، ولن تتوزعنا الجهات، ولن نتشتت بين ولاء لليمين وولاء لليسار، وتزلف للشرق وتزلف للغرب، وتوسل للأغنياء وارتماء على أعتاب الأقوياء، فكل القوة عنده، وكل العلم عنده، وكل ما نطمح إليه بين يديه.. والهرب ليس منه بل إليه، فهو الوطن والحمى، والملجأ والمستند.. والرصيد والباب والرحاب.. وذلك الإحساس معناه السكن والطمأنينة، وراحة البال والتفاؤل، والهمة والإقبال، والنشاط والحماس، والعمل بلا ملل وبلا فتور وبلا كسل، وتلك ثمرة «لا إله إلا الله» في نفس قائلها، الذي يشعر بها ويتمثلها ويؤمن بها ويعيشها، وتلك هي الصيدلية التي تداوي كل أمراض النفوس، وتشفي كل علل العقول وتبرئ كل أمراض القلوب، وتلك هي صيحة التحرير التي تحطم أغلال الأيدي والأرجل والأعناق، وهي أيضاً مفتاح الطاقة المكنوزة في داخلنا، وكلمة السر التي تحرك الجبال وتشق البحور وتغير ما لا يتغير، ولم يخلق إلى الآن العقار السحري الذي يحدث ذرة واحدة من هذا الأثر في النفس.. وكل عقاقير الأعصاب تداوي شيئاً وتفسد معه ألف شيئاً آخر، وهي تدواي بالوهم، وتريح الإنسان بأن تطفئ عقله وتنومه، وتخدره، أما كلمة «لا إله إلا الله» فإنها تطلق الإنسان من عقاله، وتحرره من جميع العبوديات الباطلة، وتبشره بالمغفرة وتنجيه من الخوف، وتحفظه من الوسواس وتؤيده بالملأ الأعلى.. فمن أستودع همه عند الله بات على ثقة ونام ملء جفنيه.. ولأن الله موجود فإنك لست وحدك.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
14/01/2018
4015