+ A
A -
افيغدور ليبرمان مقيت وكل ما فيه يدعو إلى الريبة والشك وعندما يتصدر المشهد من حق خصومه ان يشتموا روائح كريهة وطعم مكائد. وعندما يطرح بنيامين نتانياهو اسمه وزيرا للدفاع خلفا لموشيه يعالون فهدفه الاول اخافة الفلسطينيين. ليبرمان ليس جديداً على الحلبة السياسية الإسرائيلية، وأفكاره معروفة كذلك عقليته وعنصريته. فهو لاينفك يدعو إلى طرد الفلسطينيين من مدنهم وبلداتهم، وتطبيق الأحكام العسكرية عليهم، والتعامل معهم كإرهابيين محتملين، ومعاقبة ذوي المتورطين منهم بهدم بيوتهم ومصادرة ممتلكاتهم، وضم مناطقهم إلى الكيان.
وهو ايضا يرفض الاعتراف برئيس السلطة الفلسطينية شريكاً في عملية السلام، ويحمله المسؤولية عن الانتفاضة وانتشار أعمال العنف في المناطق، ويدعو إلى فرض أمرٍ واقعٍ بالقوة ومن طرف واحدٍ فقط، من دون الحاجة إلى التشاور أو التفاوض مع أي طرفٍ فلسطيني أو عربي آخر، كما يرفض الاعتراف أو القبول بمبادرة السلام العربية. وهو الذي دعا إلى قصف السد العالي وتدميره، وإغراق مصر بمياهه. كما أنه نفسه الذي أحرج رئيس حكومته مع عدد من الحكومات الأوروبية التي سفهها وأساء إليها عندما كان وزيرا للخارجية.
ما تشهده الساحة السياسية في إسرائيل يتعدى بكثير حدود التغيير الحكومي أو توسيع التمثيل السياسي فيها، وهو يدخل في مسار التحول الانقلابي في اتجاه اليمين القومي الذي ينتهجه نتانياهو منذ تشكيله حكومة اليمين الضيقة بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة. ويمكن اعتبار تعيين ليبرمان بالذات في منصب وزير الدفاع بداية مرحلة جديدة من السياسة المتشددة في التعامل مع الملفات الأمنية والسياسية المطروحة وفي طليعتها الوضع في قطاع غزة، والهبّة الفلسطينية، وموضوع استئناف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين.
نتانياهو باعادته ليبرمان إلى الواجهة وتسليمه مفاتيح وزارة الحرب، كأنه يريد أن يقول للفلسطينيين عموماً ولجيل الانتفاضة الصاعد، أن «رمز العنصرية» قادم، ومعه مشروع إعدام كل «مخرب وإرهابي»، وكأنه يدعو الفلسطينيين إلى التخلي عن مقاومتهم، والتوقف عن انتفاضتهم، لان الرد سيكون مدمرا.
وهنا لا يمكن فصل ابعاد موشي يعالون عن وزارة الدفاع عن الاختلافات التي برزت في المدة الأخيرة بين الطاقم السياسي الحاكم والمؤسسة العسكرية. ومن أبرزها معارضة اليمين الإسرائيلي سياسة يعالون في التعامل مع الهبّة الفلسطينية ومطالبته باستخدام مزيد من العنف ضد المهاجمين الفلسطينيين، إلى التحفظ الكبير عنه لدعمه نائب رئيس الأركان الذي حذّر من مغبة الظواهر الشوفينية في إسرائيل. لذا يشكل استبعاد يعالون عن منصبه رسالة واضحة يوجهها نتانياهو إلى قيادة الجيش بأنه هو من يرسم الخط السياسي وأن عليها التقيد به حرفياً.
ليس مهماً ان تشكل خطوة الثنائي»ليبر- ياهو» خطراً على الديمقراطية الاسرائيلية، فتلك كذبة لاتستحق التوقف عندها. لكنها خطوة لاتبشر بالخير للمنطقة، ولعل هذا التجميع اليميني هو خطوة استباقية لاحتمال بقاء الديمقراطيين في البيت الابيض، وتالياً مواجهتهم بجبهة قوية قادرة بتماسكها على التأثير على صانع القرار الأميركي باستخدام القوّة.
والامر الاهم ان الحكم الجديد سيكون أقرب لإعلان إفلاس التسوية السياسية كما عرفها العالم في العقدين الأخيرين، فنتانياهو وليكود لا يؤمنون بالدولة الفلسطينية ولا بحل الدولتين. ومؤكد أن ليبرمان ورفاقه المتشددين سيجعلان مهمة إشهار وفاة التسوية أمراً أكثر سهولة.
اسرائيل التي خرجت منذ ولادتها، اخطر الاسماء في عالم العنف والعنصرية مثل مناحيم بيغين واسحق شامير وغولدا مائير وارييل شارون، ليس مستغربا انها تشهد الآن ولادة إرهابي جديد بوجهين اسمه «ليبر- ياهو»!!!
أمين قمورية
copy short url   نسخ
25/05/2016
1960