+ A
A -
- 1 -
هكذا هو الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، مُنذ وصوله للسُّلطة في العام 1991، ارتبطتْ مسيرتُه بالحروب والصراعات وإثارة القلاقل، والاستثمار في الأزمات الإقليمية. حارب إثيوبيا لسنوات، فخرج مهزوماً جريحَ الكبرياء، مهيض الجناح؛ فذهب يبحث عن انتصارات داخلية ضد رفاق الأمس، فسجن من سجن، وقتل من قتل؛ فهرب أغلب الشباب الإريتري إلى المهاجر، عبر بطاقات اللجوء السياسي وإعادة التوطين، وفرَّتْ آلافُ الأُسر إلى معسكرات اللاجئين في السودان، الملاذات الأخيرة كلما ضاق الوضع وساءت الأحوال.
- 2 -
قبل سنواتٍ، فتح أسياس أفورقي أراضيه ومعسكراته للمعارضة السودانية، فانطلقت تَشنُّ عمليات عسكرية على جبهة السودان الشرقية، وتسعى لقطع الطريق الاستراتيجي الذي يربط ولايات السودان بالميناء الرئيسي.
الآن يسعى أسياس أفورقي، غريب الأطوار، لإعادة السيناريو السابق، بفتح مُعسكراته للمُعارضة السودانية بدعمٍ وتمويلٍ مصري.
- 3 -
الحكومة السودانية، أعلنت لأول مرة، بشكل رسمي، أنها تتحسَّب لتهديدات أمنية، من جارتيها مصر وأريتريا، بعد تحركات عسكرية لهاتين الدولتين، في منطقة «ساوا» المُتاخمة لولاية كسلا، شرقي البلاد.
وقال مساعد الرئيس السوداني، نائب رئيس المؤتمر الوطني الحاكم، إبراهيم محمود، إن اجتماعاً للمكتب القيادي للحزب «وجَّه باستمرار الترتيبات الأمنية في حدود السودان الشرقية، بعد تلقِّيهم معلوماتٍ أمنية عن تهديدات مُحتملة من مصر وأريتريا في منطقة ساوا».
وكشف مساعد الرئيس السوداني، عن تلقِّي المكتب القيادي لحزبه في اجتماعه الذي استمر للساعات الأولى من فجر الخميس، تنويراً من النائب الأول للرئيس بكري حسن صالح، عن «التهديدات التي قد تحدث في بعض الولايات خصوصاً ولاية كسلا، بعد ورود معلومات عن تحركات تمَّت بين مصر وأريتريا في منطقة ساوا، قرب حدود كسلا».
وكانت تقارير صحفية، قد تحدَّثت في وقتٍ سابقٍ عن وصول تعزيزات عسكرية من مصر، تشمل أسلحةً حديثةً وآليات نقل عسكرية، وسيارات دفع رباعي، إلى قاعدة ساوا العسكرية في أريتريا.
- 4 -
وفي ذات يوم الخميس، كان رئيس القوات البرية السودانية، يتحدَّث لضباط وجنود الفرقة العاشرة بولاية النيل الأزرق بحضور الرئيس عمر البشير، عن مقدرة الجيش السوداني على حماية السدود المائية، وصدِّ أيِّ اعتداءٍ عابرٍ للحدود، وقال إن سدَّ النهضة الإثيوبي، يُحقِّقُ للسودان فوائد لا تقلُّ عن الفوائد التي يُحقِّقُها السدُّ العالي لمصر.
- 5 -
وكان الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق والمرشح الرئاسي في انتخابات 2012، قد توقَّع أن يكون السودان هو المسمار الأخير في نعش النظام الحالي بمصر، موضحاً أنه في حال أقدم السيسي على مواجهة عسكرية مع السودان، فإنه سوف يخرج خاسراً، وربما تكون هذه نهايته.
- 6 -
كلُّ التصريحات والإفادات السابقة، تُوضِّح بجلاء اقتراب منطقة القرن الإفريقي من سيناريو الحرب، إذا كانت حرباً بين جيوشٍ دول المنطقة أو حرباً بالوكالة عبر حركات المعارضة المُسلَّحة.
من الواضح أن هذا هو السيناريو الأخير، في الصراع المصري الإثيوبي السوداني على مياه النيل، وتباين المواقف في ملف سد النهضة.
ستُدرك مصر، عاجلاً أو آجلاً، أن الخيار العسكري سيُعقِّدُ الأوضاع، ولن يُحقِّقَ حلولاً لأزماتها الراهنة والقادمة.
وستُدرك قبل ذلك، أن أسياس أفورقي، حليفٌ غير مأمون الجانب، فهو مُتقلِّبُ المواقف، وما يربطه بالسودان أكبر من الذي يربطه بأي دولة أخرى.
وإذا كانت أسمرا لديها القدرة على الإضرار التكتيكي بمصالح السودان؛ فالخرطوم لديها قدرة أكبر على الإضرار الاستراتيجي بها.
- 7 -
ما لا تُدركه القاهرة، أن التصعيد العسكري من جانبها، ضدَّ الخرطوم، سيرفع من مُعدَّلات التأييد والمُؤازرة الشعبية للحكومة السودانية، وسيدفع بها لاتخاذ مواقف أكثر تشدُّداً في ملفِّ المياه.
والحقيقة الغائبة عن القاهرة وأسمرا معاً، أن الحركات المُسلَّحة السودانية، حتى إذا كانت لها الرغبة، فهي لا تملك المقدرة في الدخول في مغامرات عسكرية جديدة، بعد الهزائم الساحقة التي مُنِيَتْ بها في دارفور وجنوب كردفان.
-أخيراً-
والحقيقة الأكثر سطوعاً: ما لم تُنجِزْه الدبلوماسية والسياسة، لن تُنجزَه التحرُّشات العسكرية.
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
14/01/2018
2571