+ A
A -
كان حديث سعادة وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لبرنامج «الحقيقة»، محملا بكل ما خف وزنه وغلا ثمنه. لن نغوص في كل ما قال، لأن الوزن اثقل مما نريد ، لكننا سنحاول المرور على الامور، دون تجاهل المفاصل الرئيسية في الازمة الخليجية التي بدأت في اوائل يونيو الماضي.
ما عرضه الوزير كان صريحا للغاية، والصراحة ليست فقط راحة كما يقال، لكنها تشي بما نرغب ان يكون عليه مجلس التعاون الخليجي الذي به نعتز، وسنظل.
لنصرّ على ان تكون الحقيقة هي عنوان ثالث للطيبة والحزم اللذين ميزا حديث الشيخ محمد ، ابتداء من رفض قطر تسليم زوجة إماراتي معارضة، لأن القانون والدستور لا يسمحان بتسليمها إلى أبوظبي في غياب زوجها ، مرورا بملاحظة الوزير حول إغلاق ملف الحدود لعام 2014 تماما ، وتوقيع الجميع ملفاته ومحاضره، وإشادته بمصر ومكانتها الرائدة والمركزية ، والتقدير الكامل لشعبها الشقيق، وانتهاء بإغلاق قضية التجنيس البحرينية باعتراف المنامة ذاتها.
وإذا كان وزير الخارجية قد ركز على تماسك الجبهة الداخلية والالتفاف حول القيادة، كعاملين اساسيين أفشلا الحصار، فقد اضطر الى التقليل من اهمية اتهام قطر بالانفتاح على اسرائيل وتمويل الارهاب، لأن العالم كله لا يأخذ الامرين على محمل الجد او الاعتبار.
ولعل القرصنة الالكترونية شكلت وحدها الجريمة التي فضحت كل شيء، ليس فقط لأن الدوحة قبلت بأن يحقق جهاز الإف. بي. آي الاميركي، والأمن البريطاني بما حدث آنذاك وقاد لاندلاع الازمة، غير ان الشفافية والترحيب بتعاون دول صديقة لقطر في التحقيق، كشفا للجميع ان القرصنة التي طالت وكالة الانباء القطرية، كان مخططا لها ان تبدأ قبل شهر من الازمة. وبعد ان اكد الوزير تعاون الدوحة مع القاهرة بعد رحيل مرسي والترحيب بتدخل السعودية في الامر للحلحلة والتواصل مع مصر، اشتكى من تسرع دول الحصار في التصرف ضد المواطنين الخليجيين والمقيمين وتحويل ذلك الى حملة على دولة قطر. لكنه اشتكى ايضا من وصم الدوحة بالارهاب، رغم اشتراكها في محاربته الى جانب دول مثل السعودية وأميركا والاردن، دون ان يوصف أولئك بالارهاب. ولا بد من القول ان الوزير شرح بالتفصيل كم كانت علاقات قطر مع دول الخليج ودية وتعاونية الى ما قبل الازمة مباشرة. وكان لا بد ايضا من التركيز على حرص صاحب السمو الواضح على العلاقات القطرية مع دول التعاون، والمسارعة لحل أي مشكلة مع الاشقاء، محتجا على الزج بالشعب القطري في أزمة مختلقة، رغم ان ابناء قطر دفعوا حياتهم ثمنا حين استشهدوا وهم يقاتلون مع التحالف قبل ان يتهموا ظلما بالخيانة.
رغم ذلك كله، كان حديث الوزير دالا على اهتمام الدوحة الشديد باستمرار التنسيق والتعاون، مشيرا الى اجتماعاته الودية مع القيادات السعودية قبيل الازمة. ورغم اللغط الذي اثاره موقف ترامب المتناقض بالمقارنة مع موقفي الخارجية والدفاع في الولايات المتحدة، فلم يشك احد بصدقية الدوحة عندما قالت إنها تؤيد الحوار، وعندما وقعت اتفاق مكافحة الارهاب مع واشنطن، ولم توقعه اطراف اخرى حتى يومنا هذا.
وبعد ان بيّن الوزير ان ايران دولة جارة ومهمة تجاريا، وان كانت قطر تختلف معها حول سياساتها في اليمن والعراق وسوريا، اكد ان ازمة الحصار وجودية، وأنه لا يجوز استخدام كافة الوسائل ضد الشعب القطري. وبالنتيجة، كان واضحا ان الدوحة ما زالت عند موقفها الداعي الى فتح باب الحوار باعتباره السبيل الوحيد للحل.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
12/01/2018
2834