+ A
A -
«رجاءً ليبلغه أحد في نظامه المنهك الجائع، بأن لديّ على مكتبي أيضاً زرّاً نووياً أكبر وأقوى وأكثر فاعلية، والأهم أنه يعمل».. هكذا غرد دونالد ترامب، رئيس الدولة الأقوى في العالم، ردا على تصريحات، الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، التي قال فيها، إنه يملك «زراً نووياً» في مكتبه الرئاسي في بيونغ يانغ.
هذا التراشق بـ«زر النووي»، رغم ما يجلبه من سخرية، إلا أنه يعكس بشكل دقيق، ما انحدر إليه حال العالم.
ومع أنني أصدق وأتفق مع ما ذهب إليه خبراء كثر من أن سجال «الزر النووي»، على مكاتب الرؤساء، ليس إلا وهمّا، وذرا للرماد في العيون. إلا أن سلوك الرجلين، وتعاملهما منذ أن صعد كلاهما لسدة الحكم في بلاده، تجعل من ارتكاب أية حماقة أو جنون، أمرا واردا. وبالتالي كيف لإنسان أن يشعر بالأمان، وهوعالق بين فكيّ متهورَين لا يردعهما أي رادع، ولا يعرفان إلى الحكمة سبيلاً؟. والأدهى والأمر، انهما بالفعل يملكان قوة تدميرية، قد يكون صحيحا، ان اطلاقها للقتل، لا يحتاج سوى «كبسة زر»، صغيرا كان أو كبيرا.
كنّا ننعى على منطقتنا، غياب السياسة من تصرفات عدد كبير من قياداتها، غير ان عدوى انعدام السياسة، وتغليب لغة الصراع، يبدو أنها تنتقل بسرعة وبائية.
فالتاريخ سيكتب يوماً أننا عشنا في «عصر الجنون السياسي» الذي سادت فيه أنانية زعماء ورؤساء على العمل لخدمة مصالح الدول والشعوب، وساد جنون العظمة وحب السلطة فوق كل اعتبار، ووقفت الكرة الأرضية على شفا حفرة من كارثة نووية لم تكلّف سوى كبسة زر؟
عصر يغمض فيه الساسة أعينهم وضمائرهم عن بشر يبادون، مقابل دولارات أسلحة يبيعونها لمن يقتلونهم.
عصر ينتشر فيه وباء الكوليرا بالتزامن مع أوبئة الصراع وحصار المعدمين، دون أن يهتز للعالم، الذي يدعي الحرية والانسانية جفن.
على أية حال.. إن كتابة التاريخ عن تلك الحقبة البائسة، مشروط بان يتوقف الأمر عند حدود التهديدات، وهي وإن كانت مرعبة حد الجنون، إلا أنها تبقى دون الوصول إلى «كبس الزر»، الذي ان تم، فربما لن نجد من يكتب عن تاريخ تلك المرحلة المجنونة من تاريخ البشرية.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
07/01/2018
2409