+ A
A -
راحت سنة، وفجر هذه السنة الذي انبثق، سيخبو ضوؤه، وإن انبثق لثلاثمائة وخمسة وستين يوما!
ولدت في هذا اليوم قبل أكثر من ستين عاما. كل عام كنت أظن أنه سيزيد من عمري عاما، وفات عليّ، أنه ينقص من عمري عاما!
يا لغبائي..
في مثل هذا اليوم، قبل أكثر من ستين عاما، ملأتُ رئتي بأكسجين الحياة، وفيه أيضا، تحشرجت روحي في الحلقوم، وناحت أمي، واللاتي زغردن لحظة الطلق العظيم!
ذلك هو العمر.. ماهو إلا يوم أو بعض يوم.. بل هو وإن طال مجرد لحظات.
تلك هي الحياة.. مجرد ومضة.. والموت، متى ما أومضت، يلفها بكل سواد الظلام!
لا أحتفل بيوم مولدي، وإن كنتُ أحزنُ- مثل حزني على بقية الأموات- على موتي.
يوم ولادتي موتي، هو يوم رثاء النفس للنفس،، ليتني لو كنتُ شاعرا. لو كنتُ لكنتُ قد نظمتُ قصيدة، في الحياة: أي مولود أضاعت في لحظة أول صرخة له في هذي الدنيا... ولكنتُ قد نظمت قصيدة في الموت: أيها الموت تمهل.. أو لم يقولوا إن في الحياة متسع؟
ما أكذبهم..
ليس من متسع، مع هذا الموت الذي يغافل ولا يغفل.. نظل نحن الغافلين، وهو شديد التربص بنا، مع كل نفس طالع.. وكل نفس نازل.. نفسان لا يطلعان وينزلان، إلا إلى حين!
في طلوع ونزول النفسين، إشارة: ذلك الذي ينزلُ ينزلُ بك إلى الدنيا، منزلة متاع الغرور، وذلك الذي يطلع، يذكرك لو انتبهت، إلى أنه هكذا.. سيطلع في أي لحظة طلعة، ليست من بعدها ثمة نزول، على الإطلاق، ليبدّد ذياك الغرور!
انظروا: نحن نقول عن من مات: طلعت أنفاسه.
هل الروح في الأنفاس، هذي التي تطلع وتنزل؟
لا أعلم.. ولا من أحد.. والروح من أمر ربي، وربكم.. ورب الناس أجمعين.
طلعت الشمس..
تلك هي أنفاس ضوئها، في الوجود.. وفي كل مغيب، يروح الظلام يلملم أنفاسها، نفسا من وراء نفس، ليعيش هو حياته، بضعة يوم، كما عاشت هي حياتها بالطول والعرض، في كل الخطوط..!
هي هكذا، مثل الإنسان: غيابها في بعض يوم طلتها.. وكذا مثلها الظلام.
من ظلام الرحم، إلى ظلام القبر..
تلك هي المسيرة، في هذا الضوء.
اااه من هذا الضوء..
هذا الضوء المخادع!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
03/01/2018
2742