+ A
A -
جاءت سرقة القدس علنا وبتهديد المال والسلاح، وأحداث ايران المفاجئة، لتضيف قضيتين رئيسيتين الى سلسلة خطيرة من تطورات ضربت العالم كما لم يُضربْ من قبل.
لا شيء في هذا العالم يُعتمد عليه، ابتداء من دونالد ترامب الملياردير العنصري الذي وظف امواله الطائلة لشراء الذمم وتغيير العواصم والخرائط، مرورا برئيس كوريا الشمالية الذي هدد بكبس الزر النووي من فوق مكتبه، وانتهاء بالتراجع المروع في سجل حقوق الانسان، رغم دعوة الامين العام للأمم المتحدة الى تضييق الفجوات وإعادة بناء الثقة وتحقيق الاهداف المشتركة للشعوب.
وإذا أردنا ان نكون صادقين، علينا الاعتراف بأن الذي زاد هو الشعوبية وليس التكاتف بين الأمم، في وقت تعمقت فيه الكراهية وانهارت القيم. والموسف ان صهاينة اميركيين يتحدثون بفخر عن «بشاعة» البشرة الداكنة وعن الحقد على اللاجئين من كل الالوان والاجناس.
وفي ظل مواقف محملة بأحقاد لم يعش العالم مثلها، يقول لنا الامين العام «غوتيرس» ان علينا ان نتحد لمواجهة 2018 الأسوأ من سابقه. غير ان حياتنا تسير في صوب، وأقوال الامين العام في صوب آخر.
ورغم أننا نقدر للقارة الاوروبية وقفتها الصلبة الرافضة لمؤامرة تحويل القدس الى عاصمة لاسرائيل، فإننا نشفق على القارة لكثرة انشقاقاتها، وخاصة انفصال بريطانيا عن الاتحاد وتطلع أقاليم مثل اسكتلندا والباسك وكاتالونيا وكردستان وغيرها الكثير في شتى القارات، الى الاستقلال، وزيادة أعداد الدول بدل لمها وضمها.
وإذا كانت الصين تنتهج الحكمة والدهاء في إدارة شؤونها والاستعداد الهادئ والمدروس لاستلام زمام القيادة من اليد الأميركية التي ينخر فيها الفساد الاداري جراء خصام بين ترامب ووزيري الدفاع والخارجية وكل من يرفض سياسته المشينة حول القدس، فإن روسيا لديها تطلعات في العالم العربي تتجاوز قواعدها في سوريا ومناطق نفوذها في العراق، لتشمل مناطق أخرى.
ولعل تركيا التي تعلم ان اميركا في سبيلها الى تقليص مساحاتها في سوريا والعراق، هي من الدول المستفيدة والمفيدة، إذْ انها تتفاعل بنشاط يوضح اطار حركتها، مع تهديدها العلني باستخدام القوة لتدمير أي «ممر إرهابي» يعبر شمال سوريا المحاذبة لحدودها.
وفيما يؤكد ضباط أميركيون وجود ألف إرهابي من داعش والقاعدة في العراق وسوريا، فقد أبدت إصرارها على البقاء في البلدين والاستيلاء عن أجزاء من الأراضي الشاسعة التي اضطر الإرهابيون الى الاستسلام أو الهروب منها، فضلا عن نية واشنطن الاحتفاظ بقطعة أرض نصف قطرها خمسون كيلومترا في «التنف» جنوب سوريا، ضد رغبة موسكو.
في الوقت نفسه، نأخذ على محمل الجد خطط المواجهة الشعبية الجادة التي يجري إعدادها ضد مشروع الليكود العدواني لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل هذا العام، لكننا ننظر بمنتهى الاستخفاف الى تلويح حركة «فتح» بالكفاح من أجل استرداد القدس وفلسطين، كما سيبقي السهم الاسرائيلي مرتفعا ما دامت فلسطين والعالم العربي في حالة تشرذم معيب، ورجال تعرفونهم يصدرون الأوامر!!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
02/01/2018
2944