+ A
A -
نكتشف كل يوم حجم التناقضات المتزايدة في السياسة الأميركية في عهد ترامب، فالولايات المتحدة بفضل سياساته دخلت عقدة تاريخية وحضارية، ففي جانب منها تسعى للهيمنة الدولية وصناعة قرارات دولية وفرض عقوبات على حلفاء لأنهم خالفوا توجهاتها، يقابل ذلك انسحاب متسارع وغير مدروس من العالم كما حصل في الانسحاب من اتفاقية المناخ واليونيسكو وقرارات الجدار المكسيكي والتوتر مع الدول الأوروبية. وعندما تبدأ الشمس في الغروب عن سماء الإمبراطوريات الكبرى تشعر في أعماق فكرها الاستراتيجي بأنها تقترب من تحول في وضعها العالمي ومكانتها، ولهذا تبرز قوى راديكالية وشخصيات ينقصها الاتزان كترامب وإدارته والتي تعبر عن سعي متسارع لقلب الطاولة في العالم وخط سياسات تتميز بالعجرفة والتسرع.
لم يكن من الممكن للولايات المتحدة أن تنتج نمط من القيادة العنصرية والمتطرفة المائلة للديكتاتورية (كترامب) لولا وجود أزمة في الولايات المتحدة ولولا وجود حالة تسمح بدعم الشارع لهذا النمط من القادة في انتخابات عامة ديمقراطية. إن بروز ترامب ودوره تجاه العالم، والعزلة التي تجد الولايات المتحدة أنها دخلتها في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة ما كان ليبرز لولا وجود صراع داخلي أميركي كبير حول الحاضر والمستقبل ودور الدولة الكبرى وعلاقة كل هذا بالصراع الاجتماعي والطبقي والسياسي والفئوي في الولايات المتحدة. إن قوانين الضرائب التي أقرها الرئيس الأميركي مؤخرا تعد بإعفاءات ضريبية لكبار الشركات والأغنياء، وقد استفاد الرئيس نفسه من هذه الإعفاءات المالية التي ستصل لأكثر من ألف وخمسائة مليار من الإعفاءات الضريبية على مستوى الولايات المتحدة. هذه أوضاع ستجعل الطبقة الوسطى الأميركية في خطر أكبر، وتقدم للطبقات العليا المتنفذة مزيدا من الأموال والصلاحيات.
(يتبع)

بقلم : د. شفيق ناظم الغبرا
copy short url   نسخ
26/12/2017
2234