+ A
A -
العنوان في الأعلى هو عنوان قصة قصيرة للاديب الروسي «تولستوي» يحكي فيها عن ملك كان واثقاً أنه فقط لو عرف الوقت الأنسب للقيام بالأمور، والاشخاص المناسبين للإنصات إليهم، وأهم شيء يجب أن يقوم به في كل وقت، فلن يفشل قط في أي شيء يفعله، شغلته هذه المسألة كثيرا، حتى انه أعلن عن مكافأة سخية لمن يملك أجوبة على هذه الاسئلة، وبدأ الناس يتوافدون على القصر، منهم الحكاء ومنهم البسطاء، ولكن ولا واحد منهم استطاع ان يقنع الملك ويحصل على المكافئة، وحين كاد ان ييأس من الحصول على ما يشفي غليله جاء من يهمس في أذنه بأن هناك ناسكا عُرف بحكمته، وقد يكون لدية أجوبة على الاسئلة الثلاثة، بيد ان هناك مشكلة، فهذا الناسك العجوز المنعزل عن العالم لا يستقبل سوى عامة الشعب، ولا يذهب لأحد، من يريد ان يراه يذهب إليه، ولم يتردد الملك، أبدل ملابسه الثمينة والنفيسة بأسمال بالية، بعد ان اقترب من مكانه، وترك حراسه وحصانه، وذهب وحيدا وسيراً على قدميه إلى الكوخ الذي وصفوه له، وعندما وصل، وجد رجلا كهلا ضعيفا يقف في حديقة صغيرة وبيده شتلة زهور يحاول زراعتها، طرح عليه الاسئلة ولم يجد جوابا، اعاد طرحها مرة اخرى، ولم يجد غير الصمت، ولما لم يجد ما يفعله ليتخلص من هذا الحرج، انحنى وحمل الفأس وأخذ يحرث الارض، ومرت ساعات وهو مستغرق في عمله وافكاره، انحنى العجوز وغرس شتلات الزهور في الارض المحروثة، وعاد الملك المتخفي يطرح اسئلته والعرق يتصبب منه، وايضا لم يجد جوابا، وقبل أن يضيف كلمة اخرى شاهد رجلا يخرج من الغابة راكضا ويده على جرح ينزف بغزارة من بطنه، ولم يتردد الاثنان في اصطحابه للكوخ، وهناك قام الملك بتنظيف الجرح وخياطته، وفي الصباح التالي بعد أن استرد الجريح بعض عافيته طلب من الملك الصفح، استغرب الأخير، فلم يسبق له ان رأى هذا الرجل، ثم كيف عرف هويته؟ نظر بحيرة إلى الناسك الذي لاذ بالصمت وكأنه لم يسمع شيئا، ثم إلى المصاب الذي استطرد قائلا:_أنت لا تعرفني، ولكنني أعرفك، لقد أعدم رجالك شقيقي واستولوا على املاكه وضموها إلى املاكك، واقسمت حينهاعلى قتلك، وحانت الفرصة حين سمعت انك تنوي الخروج للقاء هذا الناسك، واختبئت بين الاشجار انتظر عودتك، ومر اليوم ولم تعد، أصابني القلق ولم أستطع الاختباء اكثر من ذلك، وفي اللحظة التي خرجت فيها من مخبئي وجدني حراسك وعرفوني، جريت منهم لكن بعد ان أصابوني بعدة جراح، وكنت سأنزف حتى الموت لو لم تقم بعلاجي، وانا منذ هذه اللحظة مُدين لك بحياتي، وارجوك ان تسامحني» ولم يسامحه الملك فحسب بل تعهد له برد كل الاملاك المسلوبة واعتذر عن موت شقيقه الذي لم يكن يعلم عنه شيئا، ومضى الوقت قبل ان يلاحظ الاثنان غياب الناسك، ولما خرج الملك للبحث عنه وجده يضع البذور في الأماكن التي حفرها بالأمس، فقرر ان يطرح اسئلته للمرة العاشرة، وفوجئ حين تكلم العجوز وقال له: ولكنك تلقيت الاجوبة بالفعل، اندهش الملك وسأل: متى..وكيف...ماذا تعني؟ رد الحكيم: الا ترى؟ لو لم ترث لحالي بالأمس وتحرث الأرض لي واخترت أن ترحل، لكان عدوك هاجمك، ولكنت ندمت على عدم بقائك معي، لذا كان الوقت الأمثل هو عند حرثك الأرض، وكنت انا الشخص الأهم، وكان اسدائي خدمة أهم شيء عليك فعله، بعد ذلك حينما لجأ الينا رجل مصاب، كان الوقت الأمثل عندما دوايته، فلو لم تطبب جروحه لمات دون التصالح معك،لذا كان هو أهم رجل، وما فعلته له كان هو اهم شيء عليك فعله، تذكر أذن! هناك وقت واحد فقط مهم، الآن..أنه اهم وقت لأنه الوقت الوحيد الذي نملك فيه أي قوة، واهم شخص هو ذلك الذي تُوجد معه... الآن...فلا احد يعلم ماذا اذا كان سيعيش حتى الغد أو بعد ساعة أو بعد دقيقة.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
25/12/2017
6169