+ A
A -
علينا الاعتراف بأن دونالد ترامب قتل بالمعنى الحرفي للكلمة كل عبارة قالها «الآباء المؤسسون» من أمثال «أبراهام لينكولن» حول حقوق الناس وواجباتهم، ليس في الولايات المتحدة وحدها، بل في العالم كله.
ويجب على المدافعين الحقيقيين عن الحريات التي اغتالها ترامب، أن يعلموا أن الدستور وملحقاته وتعديلاته في الولايات المتحدة، هي التي علمت الناس في كل مكان، كيف يرددون معاني الحرية التي قدمتها «أميركا الأولى» وتمثالها معصوب العينين.
لكن هذه الحرية تُطعن اليوم ويسيل دمها في أنهار واشنطن، فيما يُقطع رأس التمثال الذي ظنناه حارساً أميناً للكلمة الصادقة، ويُقذف به وسط الأمواج، كحطام قارب يغرق.
وإذا بأميركا ليست أميركا التي هاجر إليها الملايين، وإذا بالتعددية التي تغنى بها الفلاسفة والأكاديميون مجرد تعبير يستطيع أي رئيس لا يصلح أصلاً لأن يقود بلدا بهذا الحجم، أن يدوس عليه وكأنه رأس زنجي يمقته أولئك العنصريون الذين يفتخرون ببشرتهم البيضاء، وينظرون إليها بقدسية سادية مقززة.
وعندما نسمع اسماء الدول التسع التي صوتت إلى جانب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، لا نملك إلا أن نضحك: أميركا وإسرائيل وغواتيمالا وهندوراس وجزر مارشال وماكرونيزيا ونارا وتوغو وبالا. لكن العقلاء الكثيرين الذين حدثوا الجمعية العامة، أكدوا أن ما فعله ترامب هو القضاء على السلام واغتيال حل الدولتين. وقالوا أيضاً ان المساعدات التي أراد الأميركيون المخلصون ايصالها كإغاثة لأعمال الخير، تستخدم في عهد ترامب كرشاوى، وكأداة لتهديد الدولة المعنية بقطع المعونات عنها إذا صوتت ضد ما تريده الولايات المتحدة في مجلس الأمن أو الجمعية العامة، تماماً كما يفعل عرابو شيكاغو وبوسطن وميامي.
رفض الساسة والحكماء الذين خاطبوا الجمعية العامة أي قرارات أو إجراءات تغير طابع القدس، وأكدوا أن المسجد الأقصى عربي إسلامي وكذلك حائط البراق الذي يسميه اليهود زوراً حائط المبكى. وما من شك في أن أي خطوة تتخذ في المدينة المقدسة هي باطلة وغير قانونية، كما أن أي هيئة دبلوماسية تقام في المدينة ستعتبر كأنْ لم تكن وذلك بموجب القرار «487» لمجلس الأمن الصادر عام «1980».
وفضلاً عن ذلك لابد من إزالة الاتجاهات السلبية القائمة على أرض الواقع في المدينة، وتعرقل حل الدولتين، وتسريع الجهود الدولية والإقليمية لدعم السلام الدائم في الشرق الأوسط دون تأخير، وعلى أساس مرجعيات مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، على أقل تقدير.
خلاصة الكلام أن أميركا وإسرائيل معزولتان، فيما توحدت القارة الأوروبية في وقفة جريئة منصفة لحق فلسطيني لا تجب مناقشته على الاطلاق، لأن ما يطرح للنقاش ليس الحق أبداً.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
25/12/2017
2666