+ A
A -
بعد حوالي «4» سنوات من قيام الثورة السورية، والمراحل التي مرت بها بفعل تقاعس المجتمع الدولي ووقوفه موقف المتفرج من حالة القتل المنظم التي كان المدنيون يواجهونها، بحيث تحولت إلى أزمة إقليمية تداعت قوى دولية وإقليمية لوضع حد للتدهور الذي كاد أن يسقط النظام السياسي في سوريا.
بعد كل هذه السنوات عقدت مجموعة الدول المسماة المجموعة الدولية لدعم سوريا مؤتمراً في جنيف في العام 2015، والتي ضمت قوى كبرى في مجلس الأمن والاتحاد الاوروبي ودولا إقليمية مجاورة وغير مجاورة لسوريا.
أسفرت جهود تلك المجموعة عن دعوة إلى مؤتمر يشمل النظام السوري وممثلين عن فصائل المعارضة السورية، وقد بدأ المؤتمر في الانعقاد في جنيف وذلك عبر جولات بدأت منذ العام 2016.
مثّل جنيف ما يمكن تسميته برغبة ما يسمى بالمجتمع الدولي في وضع حد للأزمة في سوريا وذلك بسبب تبعات تلك الأزمة المتمثلة في تزايد نشاط جماعات إرهابية إضافة إلى تزايد موجات اللجوء من سوريا نحو دول مجاورة أو إلى أوروبا. تحول جنيف إلى عملية تفاوضية دون نتائج تذكر، وأبقى على النظام السياسي متماسكاً بفعل دعم إيران وروسيا له عسكرياً وسياسياً، وفي المقابل استمر مسلسل قتل المدنيين وتدمير المدن، وتحولت حالة الثورة إلى حالة إرهابية روّج لها النظام وحلفاؤه واستفاد منها في العملية التفاوضية.
بعد العديد من لقاءات جنيف، وبسبب التطورات على الأرض لا سيما قضايا اللجوء بالنسبة إلى تركيا، وعدم قبول واشنطن بفكرة إقامة مناطق آمنة في سوريا لا سيما في الشمال، قررت كل من روسيا وتركيا الدعوة إلى مؤتمر حول سوريا في أستانا، بحيث تم دعوة قيادات عسكرية في المعارضة السورية وذلك في مطلع العام 2017. انضمت إيران لاحقاً إلى الآستانة وأصبح برعاية روسية إيرانية تركية. جولات مؤتمر الآستانة كانت تركز على التطورات على الأرض ومحاولة خلق مناطق لخفض التوتر تمهيداً لعودة المدنيين وخلق حالة من الاستقرار النسبي يقود إلى مفاوضات تنهي حالة الصراع في سوريا. بالطبع انعقاد المؤتمر في أستانا لم يكن يعني أن ثمة تغيير في الحالة السورية، التطور المهم أن الدول الراعية الثلاثة استشعرت التجاهل الاميركي تحديداً لمكامن قلقها وهذا ينطبق على تركيا، كما أن روسيا كانت حريصة على سحب البساط من الولايات المتحدة والأوروبيين في الملف السوري برمته وتولي الملف عبر شريكين اقليميين غير راضين عن السياسة الأميركية.
في ظل الشراكة بين كل من تركيا وروسيا وإيران، دعا زعماء البلدان الثلاثة بعد اجتماع لهم في نوفمبر 2017 إلى مؤتمر يجمع الفرقاء السوريين في مدينة سوتشي جنوب روسيا وذلك استنادا إلى قرار مجلس الأمن 2254، وكان الرئيس الروسي قد عرض الفكرة في منتدى عُقد في سوتشي في أوائل أكتوبر 2017. ويبدو جلياً أن التراجع الكبير والهزائم التي تلقاها تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق ساهم في الإسراع إلى طرح فكرة المؤتمر.
ومع الإعداد لعقد المؤتمر لبحث مستقبل سوريا، يبدو جلياً عمق الخلافات حول اتجاهات المؤتمر وكذلك طبيعة المشاركين والسيناريوهات التي يمكن أن يطرحها هذا المؤتمر بالنسبة لحل الأزمة السورية لا سيما في ظل وجود اختلافات بين رُعاة المؤتمر حول مصير رئيس النظام السوري، وطبيعة الخطوات التي يمكن أن يسير فيها المؤتمر وصولاً لحل يفضي إلى دولة ومجتمع سوري مستقر ومزدهر. لا بد من الذكير هنا أن هذه المؤتمرات لم تواجه الحقائق القاسية للازمة في سوريا مثل وجود حوالي أكثر من 6ملايين لاجئ سوري في دول الجوار وحدها، ناهيك عن أعداد كبيرة ممن لجأت إلى أوروبا ودول أخرى.
كما أن مسألة إعمار سوريا تبدو غائبة عن المؤتمرات.
copy short url   نسخ
29/11/2017
2838