+ A
A -
تنفس قادة اليمين واليمين المُتطرف في «إسرائيل» الصعداء، وأصدروا زفيراً طويلاً، معبرين عن ارتياحهم وبهجتهم غير المسبوقة بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن مدينة القدس. فيما كانت الابتسامات، بل والقهقهة العالية تدوي في اجتماع الحكومة «الإسرائيلية» التالي بعد صدور قرار الرئيس ترامب، ويجري معها توزيع الكؤوس والأنخاب..
وقد امتزجت تلك القهقهة بشعور الغطرسة والصلف والغرور عند وزراء اليمين المجنون والمهووس، بل ومُختلف الوزراء في حكومة نتانياهو، الذين بدا عليهم التطاير وكأن «إسرائيل» هي «دولة تُمثّل محور الكون».
لقد تلى تلك البهجة والفرحة على الفور اندلاق شهية التوسع والتهويد، فقد قرر وزير البناء «الإسرائيلي» (يوآف غالانت) بعد ساعات من القرار إياه، الدفع بمخطط لبناء (14) ألف وحدة سكنية في مدينة القدس، منها (7000) وحدة في مستوطنات شرق القدس.
وبحسب خطة الوزير (يوآف غالانت) ستبني «إسرائيل» (5000) وحدة استيطانية في مستوطنة «عطاروت» قرب مطار قلنديا وفي محيطه في امتداد المنطقة الصناعية لمستوطنة عطاروت، وألفي وحدة في مستوطنة «بسغات زيئيف»، وكذلك (5000) وحدة في حي «كتمون» وألفين في حي «ريخيس لفان» في القدس الغربية. وذكر الوزير (يوآف غالانت) إنه «تباعًا لاعتراف الرئيس دونالد ترامب التاريخي، قَرَرتُ زيادة البناء في عددٍ من أحياء القدس»، في حين قال عدد من الوزراء الآخرين في «إسرائيل» إنه «لا أعذار بعد اليوم»، وأن العذر الوحيد الذي منع البناء في القدس سابقاً لم يَعُد موجوداً بما أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ورغم دعوة الإدارة الأميركية قادة «إسرائيل» إلى كبح جماح تصريحاتهم وردود أفعالهم على قرار الرئيس دونالد ترامب «الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل» ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، فإن قوى اليمين واليمين المُتطرف في «إسرائيل»، وحتى تيارات ما يُسمى بــ«اليسار الصهيوني» اتخذت من القرار الأميركي فرصة ذهبية لإطلاق مواقفها السياسية المعادية للفلسطينيين، والداعية لاستمرار الاستيطان والتهويد، والتأكيد على الرؤية «الإسرائيلية» الصهيونية بالنسبة لمستقبل عملية التسوية مع الفلسطينيين بعيداً عن الشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة.
وإذا استثنيا حزب (ميرتس) الذي عارض إعلان ترامب على لسان زعيمة الحزب (زهافا غال أون)، فإن عموم التشكيلة الحزبية «الإسرائيلية» طارت بمواقفها وقفزت نحو التصعيد مع الفلسطينيين، بل وبدا بعضها ينعي مشروع «حل الدولتين» وهو ما لمح إليه زعيم «حزب العمل الإسرائيلي» المعارض (آفي غباي)، الذي تحدث بلغة اليمين «الإسرائيلي»، حين قال «القدس الموحدة أهم من أي تسوية سياسية، وأهم من عملية السلام مع الفلسطينيين والعرب عموماً».
على ضوء ذلك، إن المرحلة التالية ستكون صعبة على المنطقة بأسرها، حين يتحول الذل السياسي للمواطنين الفلسطينيين أبناء المدينة المقدسة إلى ذل وطني وذل ديني، وهو ما سيدفع الأمور باتجاه ولادة ردود الفعل.. وربما الانفجار اللاحق الذي نُلاحظ إرهاصاته الآن على أرض القدس وعموم فلسطين.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
13/12/2017
1995