+ A
A -
تمر هذه الأيام الذكرى السنوية لتأسيس شرعة حقوق الانسان العالمية، أو ما يسمى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ولعل الاحتفال بهذا اليوم تحديدا، هو ذروة السوريالية في عالمنا وزمننا الحالي، ففي الوقت الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة ومنظماتها بهذا اليوم، تعجز هيئة الأمم والمجتمع الدولي عن إيقاف نزيف الدم البشري في عالمنا العربي وفي الكثير من مدن العالم الثالث، وتصمت عن الجرائم التي ترتكب بحق هذه الشعوب، وتغض النظر عن الانتهاكات الإنسانية والحقوقية ضد الناشطين والمعارضين لسياسات وحكام هذه البلاد، ولا تلقي بالا للمجاعات في أفريقيا والصومال وغيرها، ولا يعنيها انتشار أطفال الشوارع المشردين في العواصم العربية والدولية الكبرى، الأطفال الذين شردتهم الحروب والفقر والجهل والتخلف والمافيات الدولية المتاجرة بكل شيء، ولا تهتم بأن زاد عدد الأطفال اليتامى في سوريا وحدها عن المليون طفل، ولا تهتم بأن اكثر من ثلاثة ملايين طفل سوري محرومون حاليا من حقهم في التعلم، وأن ما يقارب العدد نفسه يعيشون في خيام لا تقدم لهم سوى الذل والقهر والبرد والمرض والموت، تعجز هيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أيضا، المحتفلان باليوم العالمي لحقوق الإنسان، عن إصدار قرار ملزم يجبر الحكومات العربية على الإفراج من مئات الآلاف من معتقلي الرأي، الذين يعتبرون في عداد المختفين أو الموتى، ليس في سوريا وحدها بل في الكثير من الدول العربية ذات الأنظمة الاستبدادية.
تعجز هذه الهيئة أيضا عن فرض قوانين تحمي حقوق المرأة والطفل في المجتمعات الذكورية البطريركية، وتعجز عن حماية حقوق اللاجئين الهاربين من الموت في بلادهم إلى الدول القريبة، بما يكفل لهم أمانهم الجسدي والنفسي، وتعجز عن اتخاذ إجراءات صارمة بحق الحكومات التي تستغل اللاجئين على أراضيها في ألعابها السياسية والأمنية، وتعجز عن فرض معاهدات دولية تحظر الإساءة لمكونات بشرية أو شعوب في الإعلام المرئي والمكتوب والسوشال ميديا.
تعجز هيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن اتخاذ اجراءات صارمة وحازمة بحق الأنظمة التي تشن حروبا على شعوبها لمجرد ان هذه الشعوب تطالب بالحقوق المكتوبة في شرعة حقوق الإنسان التي وضعتها الأمم المتحدة ويحتفل بذكرى تأسيسها اليوم. بل إن ما يحدث هو العكس تماما، إذ تعيد هيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تدوير هذه الأنظمة، وتشتغل جاهدة على تبييض تاريخها الإجرامي، وعلى إعادة عملية تطبيع العلاقات بين هذه الأنظمة والمجتمع الدولي، بذريعة محاربة الإرهاب، فالإرهاب الذي نشأ ونمى وترترع في ظل هذه الأنظمة وفي معامل ومختبرات أجهزة المخابرات الدولية الكبرى وفروعها في العالم.
تعجز هيئة الأمم المتحدة أيضا عن منع إسرائيل من نقل عاصمتها إلى القدس، العاصمة الأزلية للفلسطينيين، وتعجز عن الوقوف في وجه إسرائيل.

بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
12/12/2017
2775