+ A
A -

- 1 -
عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، خرَجَتْ مجلة (نيوز ويك) الأميركية بعنوان بارز ومثير للانتباه: (لماذا يكرهوننا؟).
السؤال تبدو عليه البراءة وبعض السذاجة أكثر من الحيرة الباحثة عن إجابة ويقين، وإيجاد تفسير عقلاني لحالة العداء التي تُواجه الولايات المتحدة الأميركية في معظم الدول الإسلامية، وبلغت حدها الأقصى بالهجوم الذي تم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون 2001.
الإجابة سهلة وبسيطة، ولم يكن يحتاج العثور عليها إلى ذلك الجهد التحريري الذي بذلته مجلة (نيوز ويك) وتوسعت خلاله في استنطاق أطراف عدّة.
- 2 -
السياسات الأميركية المُنحازة لدولة الكيان الصهيوني وضعف الإحساس والتقدير بانعكاسات تلك السياسات على الرأي العام المُسلم، هي التي جرَّت على واشنطن كراهية قطاعات واسعة من المسلمين، حيث يمثل الإسلام ثاني أكبر الأديان في العالم من حيث عدد المعتنقين بعد المسيحية.
إذ يبلغ عدد أتباع الإسلام في العالم ما يقارب الملياري نسمة، بنسبة تفوق 23 % من سكان العالم.
الإسلام هو دين الأغلبية في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا ومناطق واسعة من آسيا، هذه النسبة لم تجد الاعتبار والتقدير في مواقف وقرارات الإدارات الأميركية المتعاقبة.
- 3 -
ما فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلانه الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل وتوجيهه بالبدء بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، يُقدِّم الدليلَ الأوضحَ والأبرزَ في تجاهل وازدراء الحكومة الأميركية بمشاعر المسلمين في كُلِّ أنحاء العالم.
قلناها يوم تولِّي دونالد ترامب منصب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية:
وصول هذا الرجل إلى البيت الأبيض، بخطابه المُتطرِّف ومزاجه الحاد ومواقفه المتهورة، سيُنتج كثيراً من الأحداث التي سترسم معالم وملامح الفترة القادمة.
سيُصبح وصول شخصٍ بصفات وطبيعة ترامب إلى قمة القيادة في أكبر دولة في العالم، تتحكَّم في أغلب مجريات الأحداث الدولية، نقطةً داميةً في تاريخ الألفية الثالثة.
- 4 -
قبل دخول ترامب البيت الأبيض عقب فوزه بالانتخابات اشتعلت التصريحات المثيرة للرعب والخوف، مما هو قادم مع هذا الرئيس الغريب الأطوار.
وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن الرئيس ترامب نشر تغريدة على صفحته في موقع تويتر، دعا فيها إلى توسيع القدرات النووية الأميركية.
وعندما سُئِلَ عن تلك التغريدة، رد ترامب قائلاً: (فليكن هناك سباق تسلُّح)، مضيفاً في مقابلة تليفزيونية (سنتفوق عليهم في كل شيء وسنغلبهم جميعاً).
- 5 -
أقوى المُؤشِّرات كانت ترشح العالم في عهد ترامب بأن يصبح بالغ التوتر شديد الاستقطاب، وعلى شفا حروب وصراعات وأعمال إرهابية لا تُبْقِي ولا تذَر.
وصول ترامب إلى الحكم، رفَعَ من مُعدَّلات التسابق النووي، وزاد من عدد العمليات الإرهابية، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية، وفي أغلب الدول الغربية.
أزمة الخليج الأخيرة وحصار قطر قدَّمت العرض الأول لما ستكون عليه أوضاع العالم في فترة حكم ترامب.
حيث فوجئ العالم بأسره، بالتناقض المُربِك الذي عبر عنه دونالد ترامب في تعامله مع الأزمة الخليجية، عندما غرَّد في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلاً: «خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط ذكرت أنه لا يمكن أن يكون هناك تمويل للأيدولوجية المتطرفة».
وبعد ساعة من تلك التغريدة، قال: «من الجيد جداً رؤية زيارة السعودية مع الملك وخمسين دولة تؤتي ثمارها بالفعل».. وقال إنهم سيتخذون موقفاً متشدداً من تمويل الإرهاب.
ترامب يتبعه الخراب والصراع والأزمات أينما ذهب، ومتى ما تحدَّث، ووقتما كتب على صفحته بتويتر.
- 6 -
ولأن الرجل المُتهوِّر يمضي في الاتجاه الخطأ، مغمض العينين مسرع الخُطى، كان لا بدَّ أن يصطدم بمعاونيه وبالأصدقاء والحلفاء قبل الأعداء والخصوم.
فحينما أراد التراجع عن الاتفاق النووي مع إيران، تصدَّتْ له حكومات الدول الأوروبية، وحينما أراد الترويج لحصار قطر وجد الرفض داخل حكومته.
الآن بإعلانه الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، يُواجه ترامب رفض أغلب دول العالم الأقرب لواشنطن وتحفظها قبل الدول الأبعد.
-أخيراً-
سياسات ترامب المُتهوِّرة ستضع أميركا في عُزلة عن العالم، وستزيد من مُعدَّلات العداء، وسيُصبح سؤال (نيوز ويك) وهو: (لماذا يكرهوننا؟)، بلا جدوى معرفية.
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
10/12/2017
2778