+ A
A -

ربما يتعين علينا نحن المقيمين في الشرق الأوسط والخليج وشمال إفريقيا، وهي مناطق متداخلة ومتشابكة ومتجاورة ومتصاهرة، أن نتوجه بالشكر والامتنان ، على ضوء القرار الأحمق وغير الشرعي أو المقبول الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب والقاضي بنقل السفارة الأميركية في «إسرائيل» عدونا الأزلي، من تل أبيب إلى القدس.
وسواءكان القرار ناجماً عن رؤية غير سوية أو كابوس أو خطيئة ارتكبت على خلفية وَهْمِ القوة أو سراب العظمة، أو هوسٍ صوَّر لصهاينة أو متصهينين مضلَّلين من الأميركيين كدونالد ترامب، أن إسرائيل هي أرض اللبن والعسل، الموعود (!) لبني إسرائيل وليس لبني فلسطين مع أنهم أصحاب الأرض التي انتجتهما، فقد أسهم ذلك القرار الخائب الذي لا يملك ترامب ولا أبوه ولا الكونغرس وأعضاؤه حق اتخاذه وانتقاء عواصم البشر (وخاصة الأفاكون منهم)، في مد البشرية بما تحتاج إليه من مقومات الاستمرار والعيش في أجواء سليمة.
فعل ترامب ما فعله ليس لأنه صحيح ولا لأنه لا يحفظ آية إنجيل واحدة، ولكن لأن أصدقاءه الصهاينة أقنعوه بأن إسرائيل أُم الديمقراطيات، ولديها الخلاص من كل الذنوب. قليل من الهرطقة، وكثير من اللامعقول، وخرافات على مقاس الأدمغة المستهدفة، ترى بعدها اللبن والعسل يسيلان بالقناطير.
ربما يسهم عقل ترامب، أو بالأحرى قلة عقله، في استرداد جزء من عقل المنطقة لدعم استقرار لبنان عبر لقاء دعا إليه الكبار (وهم في الحقيقة صغار) يوم الجمعة لاقناع إيران والسعودية بوقف تدخلاتهما السياسية في لبنان الذي يكفيه ما ناله ويكفيه ما فيه.
ورغم عدم ثقتي بنوايا الكبار، أو معظمهم، كنت لدى اطلاعي على فحوى الخبر، كمن شاهد وردة في مكب للنفايات، وقلت لنفسي: ولم لا؟ لم لا يأتي، الفرج حتى ممن لا يبغيه أو يريده؟ لماذا لا نحاول نحن الناس العاديين البسطاء، إقناع طهران والرياض بعدم الرضوخ لمتطلبات القوة الغاشمة، وبوضع السلاح جانباً، والجلوس إلى مائدة الحوار،وهما من دول الجوار اللصيق؟
القدس يبوسية عربية إسلامية جاءت منها قبائل نجد قبل ثلاثة آلاف سنة، ويقول عنها ترامب إنها لليهود. فماذا نقول عن السعودية وإيران، وعن العرب والأتراك وعن العديد من الجيران الذين امسكوا بخناق بعض لأن هذا يصلي هكذا وذلك يصلي هكذا، وغير ذلك من سفاسف الأمور؟
لسنا متفائلين إلى هذا الحد ولا واقعين في كمائن العشق والهيام. ولكن لماذا لا نحاول؟ نحن لا نطلب إلا المحاولة الجادة، ففي داخل كل إنسان قدر كبير من المودة والحنان، والقبول بالآخر، مهما كان رأيه. الحيوانات تتصرف أفضل منا.. بالله عليكم كفى يا أصحاب القرار !
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
09/12/2017
3112