+ A
A -
منذ عودة المغرب إلى «الاتحاد الإفريقي» في يناير (كانون الثاني)، بعد أن ظلت عضويته معلقة مدة 33 سنة، حدث تغيير جذري في علاقات الرباط الإفريقية.
اعتمدت السياسة الإفريقية للمغرب طوال عقود على قاعدتين: سياسة «الكرسي الفارغ» في الاتحاد الإفريقي، حيث علق عضويته لأن المنظمة الإقليمية تعترف بما يسمى «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» التي أعلنتها البوليساريو بدعم من الجزائر في المنفى، وظل المغاربة يشترطون طرد هذه «الجمهورية» من عضوية الاتحاد الإفريقي لعودتهم إلى المنظمة.
القاعدة الثانية قطع العلاقات أو تجميدها مع الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية.
استبدل العاهل المغربي حالياً هذه السياسة بخمسة أسس جديدة:
الأول تمثل في العودة إلى الاتحاد الإفريقي، يومها خاطب ملك المغرب الأفارقة بلغة عاطفية قائلاً: «كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت بعد طول غياب، إفريقيا قارتي وهي أيضاً بيتي، كم أنا سعيد بلقائكم من جديد، اشتقت إليكم جميعاً».
القاعدة الثانية: تطبيع العلاقات مع الدول التي تعترف «بالجمهورية الصحراوية»، وكانت آخر خطوة في هذا المجال تطبيع العلاقات مع «جنوب إفريقيا» التي تعتبر أكبر دولة داعمة للبوليساريو في القارة، كان لافتاً أن جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا قال كلاماً طيباً في حق المغرب، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه قدم أسلحة إلى الزعيم الأسطوري نيسلون مانديلا ورفاقه عندما كانوا يقاتلون نظام «الأبارتايد».
الدولة الثانية كانت أنغولا، وهي كذلك ظلت تساند البوليساريو.
القاعدة الثالثة: تمثلت في عدم مقاطعة اللقاءات أو المؤتمرات التي تحضرها البوليساريو.. في هذا السياق فاجأ العاهل المغربي الجميع عندما قرر المشاركة شخصياً في القمة الإفريقية الأوروبية التي انعقدت في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، على الرغم من مشاركة البوليساريو.
القاعدة الرابعة: الاعتماد على الاستثمارات الاقتصادية وفتح الجامعات والمعاهد المغربية أمام الطلاب الأفارقة باعتباره الأسلوب الناجع لتعزيز العلاقات وليس الكلام الإنشائي عن «علاقات أخوية ومصير مشترك».
تتمثل القاعدة الخامسة في محاولة تهدئة العلاقات مع الجزائر،على الرغم من أن العلاقات بين البلدين وصلت قبل فترة وجيزة إلى نقطة قرب الصفر، بعد أن استدعت الرباط سفيرها في الجزائر بسبب تصريحات أدلى بها عبدالقادر مساهل وزير الخارجية الجزائري، يتهم فيها المغرب بعمليات تبييض أموال من خلال استثماراته الإفريقية.
على الرغم من ذلك هناك مسألة تشوش على هذه السياسة، والمشكلة أن هذا التشويش يأتي من داخل المغرب نفسه.
يتمثل التشويش في وجود قرابة مائة ألف مهاجر إفريقي في المغرب، يشكلون عبئاً أمنياً واقتصادياً.
هؤلاء المهاجرون كانوا قد وصلوا المغرب، يراودهم الحلم في عبور المتوسط للانتقال إلى «الجنة الأوروبية»، لكن تقطعت بهم السبل ووجدوا أنفسهم «لاجئين» في المغرب.
لمواجهة هذا الوضع وفي تناغم مع توجهات السياسة المغربية الجديدة تجاه دول القارة الإفريقية، منحت السلطات المغربية الإقامة لمعظم هؤلاء الشباب عبر مرحلتين، حيث قبلت السلطات في المرحلة الأولى طلبات 23 ألف شاب وشابة.
في المرحلة الثانية التي انطلقت في ديسمبر (كانون أول) من العام الماضي قبلت طلبات قرابة 26 ألف لاجئ للحصول على إقامة دائمة، وستستمر هذه العملية حتى نهاية الشهر الحالي.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
09/12/2017
2477