+ A
A -
يجب أولاً أن نتفق على تحديد مهم وهو: هل الأزمة أزمة خطاب أم أزمة أفراد لكي يمكن تفسير إشكالية الغياب والحضور في قمة دول مجلس التعاون الأخيرة التي عقدت في الكويت وسط جو من الإحباط شهده المجتمع الخليجي من الكويت شمالاً حتى مسقط جنوباً.
ماذا يعني أن يتحاشى المسؤولون المواجهة وجهاً لوجه؟ لماذا يغرد المسؤول بكلمات لا يستطيع بعدها مواجهة من غرد بحقه من الدولة الأخرى؟ لماذا كان صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مستعداً وجاهزاً للقاء ومواجهة جميع الاتهامات والجلوس للحوار؟ لماذا كان الشيخ صباح قادراً على مواجهة جميع تقلبات الأزمة ومصراً على تحريك الأمور؟ لماذا تتهرب دول الحصار من اللقاء وتوعد وتُخلف وتصطنع الأعذار والمسببات لعدم الحضور؟
الجواب في اعتقادي له جانبان:
الأول أن الأزمة لدى قطر والكويت هي أزمة خطاب، بينما هي عند دول الحصار أزمة أفراد. ويترتب الفرق هنا أن الخطاب مرتبط بعلاقة بين القاعدة والقمة، لذلك تنتفي عنه الشخصانية وهو ما نشاهده في في خلافات العالم المتحضر؛ حيث ليس هناك أزمة أفراد مهما كانت الألفاظ حادة بينهما، إلا أن اللقاء والحوار لا يحمل صفة شخصية أبداً؛ لأن المشكلة أو الأزمة أزمة خطاب، الجانب الآخر يتمثل في أن الأزمة إذا كانت أزمة أفراد فذلك يعني أن هناك انفصاماً بين القاعدة والقمة بحيث لا يمكن أن يطلق عليها أزمة خطاب.
دول الحصار عجزت عن الحضور؛ لأن أزمتها مع قطر أزمة أفراد، وقطر والكويت وعمان حضروا لأن الأزمة لديهم أزمة خطاب تتعدى ملامح الوجوه وبذاءات اللسان، وكان واضحاً استعدادهم للحضور بأريحية أذهلت المجتمع الخليجي والعربي وجلسوا مع موظفين أدنى منهم مستوى دونما حرج لأن الأزمة كما قلت لديهم أزمة خطاب وليست أزمة أفراد، لأنهم يمثلون مجتمعاتهم وإراداتها. بينما حال الانفصام بين القاعدة والقمة لعدم وجود خطاب مشترك أصلاً بينهم في دول الحصار حال دون حضور ملوك وأمراء هذه الدول، ليس هناك منهج واضح ينظرون إليه إلى الموضوع سوى من منطلق فردي ونوازع نفس مريضة لذلك جاءت اتهاماتهم كخبط عشواء في كل اتجاه وقبضتهم في الوقت نفسه تزداد على الداخل المنفصل لغياب الخطاب المشترك الذي لوكان متوافراً لأمكن الحل، لأن أزمة الخطاب تتعدى الأفراد وحضورهم وتضع المجتمعات ومصيرها واهدفاها في المقدمة، ولا يمتلكون أيضاً موضوعاً يعيدون قراءة المنهج وتعديله من خلالة، لذلك هم لا يزالون يعيشون عبثية واضحة تجعلهم يتسترون، الحقيقة انكشاف وظهور واستعداد فطري للحوار والبحث هذه هي الحقيقة الإنسانية التي تبحث عنها الشعوب، لقد كان هناك ألم خفي في النفوس نظراً لسرقة الأفراد خطاب الشعوب واختزاله في مشاعرهم الشخصية التي تخدم مصالحهم الفردية على مصالح الصالح العام، ورغم ذلك فقد كان مشهد الشيخ صباح ومعه أميرنا الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مشهداً أثلج الصدور أيضاً؛ لأنه يكشف بالمقابل عن حقيقة هذه الشعوب وحقيقة إرادتها وسعيها للتجاوز والاستمرار معاً رغم جميع الصعاب.
إن كينونة وحقيقة شعبنا الخليجي انكشفت من خلال شخصيتي هذين الرمزين، لذلك حضورهما كان حضوراً للحقيقة التي لا يزيدها غياب الآخرين إلا ظهوراً.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
07/12/2017
2925