+ A
A -
دعوني أقول بالفم الملآن: اتركوا ترامب أو غيره ينقل السفارة الأميركية إلى القدس، وكفاكم توتراً وتحسباً للعواقب والتبعات. لم تكن القدس منذ وجدت هذه المدينة الأقدم من بابل ونينوي على أرض فلسطين قبل ثلاثة آلاف عام، إلا يبوسية كنعانية عربية مسلمة يعيش فيها المسيحيون بمودة واحترام.
ثمة قضايا لا تحتاج حتى إلى رأيين، وعلى رأسها القدس. والعالم كله يعرف الحقيقة عبر توصيات الأمم المتحدة واعتراف الخبراء المرموقين الذين لم يجدوا في تاريخ فلسطين دليلاً واحداً على تبعية القدس لإسرائيل.
حق النقض (الفيتو) الذي منحه الاستعماريون الطغاة العنصريون «الكبار» الخمسة لأنفسهم، هو الذي خلق البؤر الحامية، وهو الذي جعل العالم وخيراته وموارده نهباً للمتسلطين اللصوص، ومن بينهم الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان مكنتا اليهود من فلسطين وسلمتا أرضها عبر أوراق سوداء مثل وعد بلفور المشين إلى الصهاينة مدعين أنهم أصحاب أرض لم يروها قط في حياتهم.
القدس ليست بحاجة إلى من يدافع عن تاريخها، فهذه المدينة يسكنها العرب الأوائل الذين نزحوا من الجزيرة قبل ثلاث ألفيات واحتلوا منذ البداية التلال المشرفة على «مدينة السلام».
تعاقبت الأمم على النزول في أجزاء من فلسطين كالفرس والرومان واليونانيين والفاطميين والسلاجقة والطولونيين والاخشيديين والمماليك والعثمانيين وغيرهم، ولم يقل أحد من هؤلاء أنه صاحب فلسطين إلا العدو الأول للإنسانية، إسرائيل.
في عام «636» ميلادية، دخل عمر بن الخطاب المدينة وأعطى الأمان لسكانها عبر «العهدة العمرية» وضمن أرواحهم وأموالهم ودياناتهم، ثم دشن موقع المسجد الأقصى الحالي، في الزاوية الجنوبية من ساحة الحرم الذي ساعد الأمويون والعباسيون في بناء قبابه.
حتى الانتداب البريطاني على فلسطين في مطلع القرن الماضي اعترف كتابة بأن القدس إسلامية، وبأن حائط البراق الذي تسميه إسرائيل كذباً حائط المبكى، هو إسلامي يجب أن يشرف عليه المسلمون ويصلوا فيه، وهو ذات الأمر الذي أقره حتى الصليبيون عندما احتلوا القدس.
وقبل أربعة أيام فقط، صوتت الجمعية العامة بأغلبية «151» دولة ورفض ست فقط هي «إسرائيل والولايات المتحدة وكندا وجزر مارشال وماكرونيزيا وناورو»، بأن القدس عربية وإسلامية، لا يجوز لإسرائيل أن تبدل في ملامحها لأنها سلطة احتلال غير شرعية.
لا تخافوا على القدس، فهي منذ الأزل في حماية الوثائق والتاريخ والحقائق الشرعية والقانون والديمغرافيا والجغرافيا والأحداث السياسية، وقبل كل شيء في حماية الله رب الكون وخالقه.
افعل ما شئت يا ترامب، فأنت تنفخ في قربة مقطوعة، والأنكى أنك تعرف ذلك تمام العلم والمعرفة.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
05/12/2017
3105