+ A
A -
لعل اول ما يلفت الانتباه الى »التحالف الاسلامي العسكري لمحاربة الارهاب«، الذي عقد اول اجتماعاته في الرياض الاحد بعد عامين من انشائه، هو توقيته.
ليس هناك ما يتطلب انتقاد اهداف هذا اللقاء سوى امرين، الاول اقتصاره على الدول الاسلامية، مع ان العالم بأسره مصاب بكل مفاصله بداء الارهاب، ما يجعله بحاجة ماسة الى كل عون ودعم ومساهمة، لمقاومة هذه الآفة.
والامر الثاني انعقاد التحالف في اوج التوجه السعودي غير المبرر نحو اسرائيل، مما يعطي الانطباع بأن اجتماع التحالف لأول مرة يغطي بتفاصيله على تفاصيل العلاقة التي لا نجدها اضطرارية مع اسرائيل، لكن الانطباع خاطئ لأن نظرتنا المقدسة الى موروثنا الاسلامي الذي تمثله السعودية واعتباره ذخرا، ولو مؤجلا، لصد الهجمة اليهودية على القدس الشريف توأم مكة المكرمة والمدينة المنورة، صدمتنا وتعرضت لشرخ لم يُستوعب بعد رغم مرور اسابيع من الغزل المشؤوم مع العدو الازلي.
هناك امور تُفهم وتُبرر، وأخرى لا تُفهم ولا تُبرر، ولكن دعونا من ذلك الآن، فقد تحدثنا في ذلك طويلا خلال الايام الاخيرة. لهذا، نركز اليوم على نشاطات التحالف الاسلامي العسكري المناهض للإرهاب، الذي افتتحه ولي العهد السعودي وسط صخب إعلامي لافت.
ومن خلال الاطلاع على الكلمات التي ألقيت في الاجتماع الاول، نحس بأن السلبية الأهم التي اخترقت قلوبنا، هي ذلك الاعتراف المبطن بأن التحالف الدولي الستيني المسلم وغير المسلم الذي شكله باراك اوباما، قد اثبت فشله في الاجتثاث الكامل للارهاب وأن التحلالف الاسلامي الاربعيني الذي غابت عنه ايران وسوريا والعراق بالطبع، وقطر التي سجلت في قائمة المشاركين دون حضور فعلي، يتصرف كمن يرث التحالف الدولي ويأخذ مكانه.
ونضطر أن نفهم من خلال ذلك التصرف، ان العالم غير الاسلامي تنحى جانبا، وأن الارهاب ما دام في الأصل إسلاميا كما تزعم الولايات المتحدة وأوروبا، فليكن إذن اسلاميا في كل شيء آخر ابتداء من محاربته وتجفيف منابع تمويله والاتفاق الكلي على اجتثاثه وفضحه ومحاصرته سياسيا وإعلاميا واقتصاديا.
جميل جدا أن يؤكد محمد بن سلمان ان اكبر خطر للارهاب والتطرف هو تشويه سمعة ديننا الحنيف وعقيدتنا، لكن السعودية التي حشروها في موقع المتهم اضطرت لدفع 110 مليارات دولار لشراء اسلحة اميركية، ومثلها لمساعدة الدول التي تحارب الارهاب.
غير ان التحمل الكبير الذي وضع على كاهل الرياض، يرقى الى قبول ضمني بوجهة نظر اشخاص عنصريين كارهين لمن لونه ليس ابيض، من امثال ترامب وبوش وبلير الذين طالما طالبوا بتغيير منهاج التعليم الديني في السعودية باعتباره المسؤول عن إنتاج ارهابيي سبتمبر 2001.
نشيد طبعا بأهداف التحالف الاسلامي التصدي الجماعي للإرهاب، وتوجيه كافة الموارد لمحاربة وملاحقة هذه الجرائم في كل مكان، لكننا لم نسمع كلاما واضحا حول مصير التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، وهل سيواصل العمل، أم ستنقل مهماته الى العرب والمسلمين فحسب؟!!
الأخطر، هو أنْ تتملص واشنطن ومن يسيرون في ركبها من مسؤولياتهم في محاربة الارهاب، ورمي كل شيء على كاهلنا، رغم ان ضحايا العمليات الارهابية في آخر ثلاث سنوات بلغت 90 ألفا عدا المصابين في كل القارات.
يجب ان نحرص جميعا ابتداء بمن خاطبوا مؤتمر الرياض على تأكيد »عالمية الارهاب«، كي لا نبدو كمن يعترف بأن مثل هذه الحرب واجب اسلامي محض، بحجة أن الاسلام هو »المحرض الاول على الارهاب«! أليست هذه المزاعم هي التي تتردد رسميا في واشنطن وباريس ولندن وبرلين وغيرها، كل يوم؟!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
28/11/2017
3468