+ A
A -
هناك من يقضي سنين في المنصب دون أن يصدق أنه يحتل هذا المنصب؟ هناك من يريد من يذكره دائما أنه لا يزال وزيرا أو مديرا؟ هناك من يقضي فترة المنصب كلها وهو غير مصدق أنه فعلا أصبح فيه، وبالتالي هناك من يخرج من المنصب وهو لا يزال يعتقد أنه لم يدخله بعد شوقا إليه، وأن المستقبل ليس الغد وانما هو أيام المنصب ولياليه الخالية، لاحظت عجبا وأنا أتأمل المناصب وروادها في بلادنا، شيء عجيب، هناك من يستقبل المنصب بشهقة لا يفيق منها حتى آخر أيامه على كرسي المنصب، ينسى من حوله سوى من عيَنهُ، لا يتذكر من المسؤوليات سوى قرار تعيينه.
إشكالية المنصب لاتزال قائمة رغم قيام الدولة مما يقارب نصف قرن الآن، قلة فقط من كانوا خارج «شهقة» المنصب، هذه الظاهرة أفرزت ظاهرة ثانية جاءت بعدها وهي ظاهرة «يتامى» المنصب، بعد ذهاب المنصب كثير من اصحاب الشهقة أصبحوا يعانون اليتم، لأن تأثير «الشهقة» عند اختيارهم للمنصب أعمى اعينهم عن موضوعية المنصب ووقتيتهُ وربما أخلاقياتهُ.
توابع شهقة المنصب ذات طابع اجتماعي بحت بعيدا عن المهنية المطلوبة، نشاهد صاحبها يقدم مصلحته على حساب ربما المواطنين ويعمل كذلك على تطويل أمد بقائه في المنصب، على حساب جودة أدائه وحيادتهُ أمام مسوولية الوظيفة.
لا أعتقد اننا سنتقدم إداريا طالما أن المنصب يُحدث «شهقة» في نفس من يتم اختيارهُ له لا يفيق منها إلى وقت طويل، لذلك تجد الفرحة بالمنصب كبيرة جدا والخروج منه حزن كبير وربما اختفاء وغياب وكأن من خرج من المنصب أساء للمجتمع ويخشى من تأنيب المجتمع له، في حين حينما تعين نُصبت له الخيام وتوافد له الحضور من المهنئين، أعتقد اننا في هذه المرحلة إداريا لا نزال بين «شهقة» المنصب و«يُتم» الخروج أو الإعفاء منه.
بقلم:عبدالعزيز بن محمد الخاطر
copy short url   نسخ
26/11/2017
2798