+ A
A -
لم نكن نتصور أن المملكة العربية السعودية خادمة الحرمين وكافلة الشمس والقمر وبانية الكعبة وقارئة فناجين الأمة وموجهة الوعاظ والأئمة وآخر الصامدين المفترضين وموزعة كتابه تعالى بعشرات الملايين، هي ذاتها التي صفّت حساباتها هكذا مع الله والإنسان.
لست أدري ما سيقول الخَلَف، وماذا كان السلف سيقولون، لكنني ادري ان الفعلة شنعاء وأن الطعنة نجلاء، وأن الناس الذين أداروا الدفة هناك لم يعودوا يفرقون بين الخير والشر ولا بين العقل والجنون ولا بين ما يجوز وما لا يجوز ولا بين الحلال والحرام، ولا بين كعبة وكنيس، او بين صديق ودسيس.
ما يجري وسيجري يفوقان الوصف، وما تم ارتكابه من آثام وخطايا ومعاصٍ وفواحش ومحرمات وممنوعات، يتجاوز القدرة على التبرير او التحمل، وذلك الى الحد الذي لم يعد يضير بعده إحراق بيوت الله هناك بيتا بيتا واستبدالها بملايين الكُنُس ومنحها الى أولاد العمومة الميامين، وعظام الرقبة الأشاوس.
لم يُقدّم خطاؤو الامة من كل الاجناس والاعراق والقبائل حتى اليوم عُشر ما مورس على رؤوس الاشهاد في بلد كنا نظنه الظهير الاخير، فإذا ببروتس يغرز سكينه في عظام القيصر المشدوه، وكل ذلك دون وجل او ندم او تردد، وكأن وراء ذلك سحرا أسود وغربانا ناعقة بالملايين.
ثمة قناعة تشكلت لدى أولئك القادة المزعومين ان العدو الاول للعرب هم العرب، لذلك كانوا اول من انتحر ودفع ثمن دمه المسموم عن طيب خاطر، وكان العدو الآخر هو إيران ومن يواليها، ما جعل اصحاب القرار الكارثي يتصرفون بطريقة اظهرتهم كمن يعتذر لبني اسرائيل عن تأخرهم في تسليم مكة والمدينة.
لا داعي لأن نُذكر بالمسبحة التي انفرطت، او الحبات التي ستواصل السقوط مدنا وحواضر كالقدس ودمشق وبغداد وبيروت وعمان والقاهرة وصنعاء، بدموع متحجرة وعيون زائغة. فحرب الإبادة الذاتية التي بوشرت في الرياض لم يَرتكب مثلها آثمون معاصرون او قدماء من عرب او صهاينة او عجم افرزوا بدرا اسود يعتبر الهلال الشيعي بالمقارنة، مشروعا قابلا للجدل وحتى الغفران.
ليس هكذا تُشكل المَحاور والاحلاف مع أميركا واسرائيل لحرق ايران وتقديم فلسطين قربانا لتحقيق ذلك. انتم لا تنتصرون بما تفعلونه، على احد، بل نجحتم في امر واحد وهو تعزيز معسكر الممانعة وتوفير زيت يكفي لإحراق العالم.
وإضافة الى كراهية شرهة لإيران تستعصي على الفهم، سلمتم مقاليد الامة ومفاتيحها دون ان تدروا، إلى طهران، رغم اعتقادنا الخاطئ بأنكم ورثة الدول الاربع الساقطة: سوريا والعراق ومصر، فإذا بكم تهدفون الى النجاة فقط بأنفسكم، وما انتم بناجين على الإطلاق.
من المبكر معرفة ما سيصيب المنطقة والعالم، ولكن كثرة الفاقدين عقولهم، وفي المقدمة ترامب وبن سلمان، تعني ان الارض ستتحول الى كرة لهب في المقبل من السنوات، فيما سيخرج المقاومون بالملايين ليبدأ الفصل الاخير من فصول نهاية التاريخ، بالمعنى الحرفي الذي قصده »فوكوياما« قبل عقود، ولم يصدقه احد.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
25/11/2017
3146