+ A
A -
أصدر أمير دولة قطر الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني- رحمه الله- مرسوما أميريا في عام 1973 يؤسس بموجبه أول كلية للتربية في الدولة تجسيدا لرؤيته في وضع التعليم كأولوية من أولويات تطوير الدولة. وفي عام 1977، تأسست جامعة قطر وضمت أربع كليات جديدة هي التربية، والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، الشريعة والدراسات الإسلامية، والعلوم. من هنا، تطورت وتوسعت المؤسسة بشكل سريع، مع تأسيس كلية الهندسة عام 1980 وكلية الإدارة والاقتصاد في عام 1985. بالإضافة إلى ذلك، أوجدت الجامعة عدة مراكز بحثية مستقلة صغيرة، وعملت على إنشاء كلية مجتمع وطنية هي كلية قطر التقنية وما افتتح حديثا من كلية الصيدليات والعلوم الطبية وتخصصات علمية مهمة. لذا فإن جامعة قطر هي الجامعة الوطنية الأولى أو بالأصح الجامعة الأم التي تعتبر الجامعة الرئيسيّة والشامخة في ظل الجامعات التي فتحت وتأسست في دولة قطر كجامعات المدينة التعليمية وغيرها من كليات وجامعات فتحت لها فروع في قطر.
وبناء على ما سبق وما جاء من تعريف جامعة قطر في صفحتها على ويكيبيديا وضمن فقرة لغة التدريس جاء التالي: «اللغة العربية هي لغة الجامعة الرسمية ومع ذلك فيمكن أن تكون العربية أو الإنجليزية هي لغة التدريس وفقاً لطبيعة كل برنامج». فاللغة العربية هي الأساس الذي يتوافق مع دستور دولة قطر، لا نمنع ولا نعترض على وجود لغة إنجليزية تخدم الرؤية أو أي لغة أخرى؛ ولكن لا يكون متطلبا وأساسا في البرامج الدراسية! بالإمكان وضع الخيارات الدراسية بأي من اللغتين، ولا نجعل المتطلبات عائقا ومانعا في رغبة الطالب في استكمال دراسته في تخصص ما أو رغبته في استكمال دراسته العليا في الجامعة الوطنية التي يفترض أن تكون الحاضنة الرئيسيّة للطلبة من الجنسين ممن لا تسمح ظروفهم لاستكمال الدراسة خارج البلد.
ولا يمكن هنا عدم التطرق للمعاناة والضرر الذي واجه عددا من الطلبة القطريين الدارسين في الجامعات الخارجية وتحديدا في جامعات وكليات دول الحصار، والضرر الذي وقع عليهم وحال دون استكمال دراستهم وبعضهم حالت الظروف السياسية دون مناقشة رسائلهم على مستوى الماجستير والدكتوراه وما واجههم مِن صعوبات وبحث عن جامعات أخرى عربية أو أجنبية تقبلهم وتفتح أبوابها لاستكمال المواد والدراسات ومناقشة رسائلهم، مما شكل هذا التصرف استهانة بحقوق الطلبة وحقوقهم الإنسانية في التعليم، وجاء دور جامعة قطر ومسؤوليها بالاهتمام والمسؤولية تجاههم والسعي لحل مشاكلهم والضرر الذي وقع عليهم وكذلك ما قامت به جامعة حمد بن خليفة وكلية المجتمع من استيعاب عدد من الطلاب ورفع الضرر عنهم، هذا جزء بسيط ومنقول عن معاناة الطلبة القطريين من دول الحصار في حين لم تتعامل قطر وجامعاتها ومؤسساتها معهم بالمثل! وعند النظر لهذه المعاناة يتبادر للذهن السؤال ألم يكن بإمكان جامعة قطر بتاريخها وعراقتها وكلياتها.. كونها الجامعة الوطنية الأولى.. أن تقبل هؤلاء الطلبة وتفتح لهم القبول وتسهيله بدلا من اضطرارهم للدراسة في الخارج؟ وما يعانيه البعض من الغربة وتعبها، ناهيك عن الصعوبات التي تواجه الطالبات في دراستهم في الخارج..
جامعات المدينة التعليمية فتحت مجالا واسعا باستقطابها جامعات وكليات عالمية والتي دون شك تتبع الجامعة الأم في دولها مما يجعل أساس ولغة التدريس اللغة الإنجليزية وما يتطلبه القبول من الحصول على درجات معينة من التويفل أو الاليس كأساس للقبول.. وغيرها من متطلبات علمية وأكاديمية، ولكن أن يكون هذا المتطلب في الجامعة الام التي لغتها الرئيسيّة اللغة العربية.. فإن ذلك يكون حائلا وعائقا للطلبة! ونتذكر جيدا في سنوات سابقة ما أثاره هذا الموضوع من تأليب الرأي العام ورفضه خاصة في تخصصات أساس تدريسها اللغة العربية كالشريعة واللغة العربية.. وغيرها.
وجود المرونة ووضع الخيارات أمام الطلبة الجادين سبيل في إيجاد كوادر مواطنة تعمل في الجامعة إلى جانب الكوادر والخبرات الحالية... إضافة لتقليل المتطلبات المطلوبة لاستكمال الدراسات العليا ووضع البدائل كعدد من الأبحاث أو المواد الدراسية.. مما يمكن ويسهم في إيجاد مراجع عربية وأبحاث تخدم وتسهم ويستفاد منها في المكتبات والجامعات الأخرى ويستفيد منها الباحثون.
الحرص على طلب العلم والاهتمام بالتعليم مهم وركيزة أساسية تحرص عليها القيادة الرشيدة في دولتنا، وتأكيدا على ذلك ما يؤكد عليه دائما حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في خطاباته، وما تؤكد عليه صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في مؤتمر التعليم السنوي وتأكيدا على اهتمام الدولة بالتعليم بالجامعات الموجودة تحت مظلة المدينة التعليمية والتي تخدم في الأساس غير الناطقين بالعربية أو من كانت لغة دراستهم وأعمالهم الإنجليزية. آخر جرة قلم: من الأهمية على إدارة الجامعة متمثلة في رئيسها ونواب الرئيس للشؤون الأكاديمية أو على مستوى مجلس أمناء الجامعة.. من وضع معايير ومتطلبات للدراسة والقبول تخدم المواطن في المقام الأول كون جامعة قطر هي الجامعة الوطنية، والتي خرجت أفواجا من الخريجين الأكفاء والمميزين والذين يحتلون مناصب مهمة ويسهمون في خدمة بلدهم في مجالاتهم، من المهم أن تحتضن جامعة قطر الجادين من الراغبين في استكمال دراستهم وفق المعايير والمقررات العالية والعالمية المتوافقة مع استراتيجية الدولة ورؤيتها، واستراتيجية الجامعة وبإشراف وتعليم أساتذة أكفاء يخدمون المسيرة التعليمية، ولا يكون الهدف فقط تحقيق معايير تخدم تصنيف الجامعة وترتيبها بين الجامعات وإن كان ذلك فخرا ومهما ولكن الاهتمام بقبول الطلبة وفتح المجالات مهم ومطلب رئيسي، الحث على طلب العلم والتعليم مهنة الأنبياء والرسل.. لتحرص جامعة قطر على احتواء أبنائها الطلبة بدلا من اضطرار البعض وتوجيههم للدراسة في الخارج في حال حالت الظروف. ولا يعني ذلك رفض فكرة الدراسة في الجامعات العالمية المعترف بها ضمن قوائم الجامعات؛ بل العكس سياسة الابتعاث والتعليم العالي مهمة في نقل المعارف والخبرات والثقافات في التخصصات العلمية التي تهم البلد دائما وأهميتها في وقتنا الحالي.. كأهمية جامعة قطر لطلابها.

بقلم : سلوى الملا
copy short url   نسخ
23/11/2017
3064