+ A
A -
طيلة فترة الحصار كنت أرقب حركة المجتمع وحركة الأوساط الاجتماعية فيه، كانت ردود الأفعال على الحصار متباينة من حيث نوعية الخطاب المُنتج، الذي أخذ حيزا كبيرا وصيتا عظيما هي الفئة التي كانت قادرة على إنتاج خطاب إعلامي يدافع عن قطر ويهاجم الحصار الجائر ويكشف ألاعيبه وتزويره، على الرغم من أن جُله كان خطابا تستدعيه الظروف ومقتضياتها وليس الثقافة وتحليلاتها، إلا أنه أبلى بلاء حسنا على كل حال.
لمست اثناء ذلك خطابا وطنيا صامتا وتحليليا رائعا لم يصل إلى وسائل الإعلام، خطابا يفيض حماسا ودفاعا عن الوطن وعن قيادته وعن أميره الشاب، وهو في اعتقادي واسع ويشمل قطاعات واسعة من الأوساط الاجتماعية بلا استثناء، نوعٌ من التفاني والتضحية يحمله الجميع الكهول والشباب والمرأة والرجل على صعيد واحد.
ذكر لي «محمد» وهو أحد أبناء قطر الذين عاصروا أجيالا وشهدوا أزمات «إننا في قطر على مر التاريخ لا نتخلى عن قيادتنا مهما كان الخطب كبيرا، فلا تستمع للإذاعات ولا تهتم بالتحليلات كثيرا نحن أهل فعل ولسنا أصحاب كلام»، وحدثتني «أم ناصر» وهي أم قطرية كبيرة في السن قائلة «لقد عشنا العسر كله وشهدنا اليسر وأيامه والدنيا يا ابني بين عسر ويسر» كما حدثني «علي» وهو شاب صغير قائلا «لا يعرفني صاحب السمو لكنني أعرفه وأحبه، أعرف قطر وترابها، وأعشق ماءها وسماءها ليس أسمى عندي من الموت في سبيلها»
هذه الجبهة الداخلية التي يُعتمد عليها، هذا هو الوسط الاجتماعي الذي يُراهن عليه، حيث يتحدث بصدق وبإيمان وبعيد عن الاضواء، كثيرون هم الذين ارتسمت الأزمة على محياهم إصرارا وعزيمة، ذكرت «أم محمد» أنها تشعر بأن عليها أن تقدم شيئا للوطن وليس لديها أغلى من أبنائها فهم جميعا جنودا في جيش قطر وخلف تميم المجد، وأشار لي «أبو محمود» جئت إلى الدوحة صغيرا ويشرفني أن أموت دفاعا عنها لو لزم الامر فخير أكتافي منها ومن شعبها الكريم».
هناك الكثير من الابطال في الظل، في الحياة البرلمانية هناك دائما حكومتان، حكومة الفعل وحكومة الظل، وكلاهما يعملان معا من أجل الوطن والمجتمع، وكلاهما يتناوبان الشمس والظل، فإن أبرزت الأزمة شمسا مشرقة فإن الظل كذلك يحمل أنفسا تهيم حبا وشوقا وإخلاصا لقطر وشعبها وأميرها الشاب.

بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
22/11/2017
2802