+ A
A -
أتفق تماما مع كل كلمة ذكرها عاشق الكتب «أناتولي برويارد» في إحدى مقالاته:- إجازة الصيف هي الوقت الملائم للقراءة، وأصدقائي يأتون إليّ في هذه الفترة لاستعارة الكتب مني لأنني أملك كتبا أكثر منهم جميعا، ولكنهم لا يعرفون ما أمر به حين أعيرهم هذه الكتب، لا يفهمون أنني أفكر في نفسي وكأنني أعطيهم الحب، الحقيقة، الجمال، الحكمة، والعزاء أمام الموت، ولا أظن انهم يعلمون أنني أشعر حيال إعارتي لكتبي كما يشعر معظم الآباء حين تغادر بناتهم البيت للعيش بعيدا عنهم، ولكن هذا لا يعني أنه لا سعادة في إعارة الكتب، كل شخص لديه رغبة بمشاركة كتبه، وعندما يهزني كتاب ما، اتمنى لو أستطيع وضعه في جيب كل من أعرفه، إذا انتشر كتاب مثل هذا بين أيدي الناس، سيصبح العالم أفضل، سيصبح مكاناً أجمل، يسألني كثيرون ما إذا كنت طبيبا يصف الكتب كعلاج للآخرين، غالبا ما تكون هذه الوصفات لاشخاص يعانون من حالات اكتئاب حاد، أي نوع من الكتب يريد المكتئب ان يقرأ؟ هذا سؤال لطيف! هل يجب أن يكون الكتاب مريحا؟ أم يجب أن يساعد المريض على الاعتراف بأن الاشياء تتداعى من حوله وأنه لا يستطيع تحمل المزيد؟ لكنني أسأل نفسي دائما، لماذا لا يأتي إليّ أحدهم ويطلب أن أقترح عليه كتابا لشخص وقع في الحب للتو؟ فكرة أن الناس سيقضون الوقت مع الكتب في إجازة الصيف تحت أشعة الشمس، وعلى الشواطئ، تجعلني أقترح عليهم كتباً ألفَها أصحابها في الظلام، وفي سجون العزلة، واليأس، والموت، دع هؤلاء المستمتعين بإجازتهم يشعرون برعدة الخوف بينما هم يتقلبون فوق مناشفهم على الرمال، حسنا، اصدقائي ليسوا فقراء، ويخطر في بالي سؤال متكرر:-إذا كنت حقا تتمنى قراءة هذا الكتاب، إذا كنت جادا في الأمر، لماذا لا تذهب وتشتريه؟ لماذا تتعامل مع الكتب كما تتعامل مع بقية السلع الاستهلاكية التي تشتريها كل يوم؟ لماذا يفكر الناس دائما في الكتب وكأنها مشكلة يجب التخلص منها وعدم الاحتفاظ بها؟ عادة عندما أجد كتابًا رائعا لدرجة أنني أريد ان أحتفظ بتجربته لي وحدي، مثل هذا الكتاب يجعل لصاحبه ميزات إضافية على أي قارئ آخر لم يتمكن من قراءته، ولأعير كتابا كهذا؟ لأتنازل عن كنز ثمين في عالم متنافس كهذا؟ سأكون غبيا لو فعلتها، يجب أن أحفظ اسرار هذا الكتاب، ان أدخره ليوم ماطر، لحالة جمال طارئة لا أتوقعها، وأعترف أنه من اللحظة التي أعير فيها كتابا لأحد، يبدأ اشتياقي اليه، والكتاب الغائب عن الرف يصبح فجأة أكثر أهمية من جميع الكتب الموجودة، يذهب عقلي مباشرة للفراغ الحزين على الرف، طمأنينتي تحطمت، توازني اختل، تأثيري أصبح مشوشا حتى يعود كتابي إليّ!!

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
20/11/2017
3130