+ A
A -
ما زالت أساليب الصدمة والترويع التي تتبعها السعودية من خلال «الكارت بلانش» الذي حصل عليه محمد بن سلمان من والده الملك سلمان المتوقع أن يتنازل له عن العرش خلال أيام حسب «الديلي ميل» .. تحير العالم.
وليس مصدر الحيرة كامناً في عُمْر ولي العهد أو في الصلاحيات الكاملة التي منحت له، وهذا ما أشبعناه بحثاِ وتحليلاً، ولكن في جدوى تلك السياسة في المستقبل القريب، أو على المدى البعيد.
وكي لا نقع في مصيدة التكرار أو المبالغة، ندخل في القضايا السياسية الشرق الأوسطية، وننسى أو نتناسى قصصاً مهمة كالفساد الهائل والاعتقالات التي طالت رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، أو الأمور الدينية والمجتمعية التي تهم السعوديين وتقلقهم.
فعندما يقول رئيس وزراء لبنان سعد الحريري الموجود في فرنسا لأيام أو أسابيع ــ هكذا قالوا ــ إنه يجب قطع اليد الإيرانية وأيادي من يعاونونها وعلى رأسهم حزب الله، وهذا ما تضمنه كتاب استقالته المكتوب في السعودية، فإننا نسأل فقط: كيف سيتم ذلك؟
أنا على رأس المؤمنين بأن حزب الله خطف لبنان وقرار لبنان، ولكن ما هكذا تورد الإبل، كما قالت العرب.
وتعلم طهران أن كلمات تهديدية من هذا النوع ليست من تأليف الحريري، فهو أقل جرأة من أن يقولها، وهي إذن كما يدرك كل واحد منا كلمات سعودية مائة بالمائة.
ولكن مهما بلغت درجة اندهاشنا من طريقة محمد بن سلمان في إدارة الأمور، أو من اختيار مجلة «بلومبيرغ» له كالشخص الثاني والأربعين من بين الشخصيات الخمسين الأكثر تأثيراً في العالم، فإن ما يجري هناك غير معتاد، بما في ذلك مرمطة الحريري بين العواصم في تصرف استعراضي غير مألوف.
وبالمناسبة فإن عبارة «غير معتاد» التي استخدمها مسؤولون ألمان دفعت الرياض إلى استدعاء السفير الألماني وتقديم احتجاج رسمي، لكن أحداً في العالم لا يدفعني إلى الاعتقاد بأن ما يجري أمر معتاد.
كثيرة هي الأمور التي لا نعرفها بخصوص ما يجري، لكن الهبة السعودية الموجهة نحو تحقيق تسوية فلسطينية ــ إسرائيلية مريبة تعجب ترامب ونتانياهو، تنضم إلى السلسلة اليمنية واللبنانية بشكل خاص، والحملات الإعلامية الغربية المحتارة هي الأخرى، بين ولي عهد يريد أن يشار له بالبنان، وولي عهد متهور.
وإذا كانت القصة كلها تدور حول صراع على السلطة بين السعودية وإيران، كما يعتقد معظم المحللين، يبقى السؤال: لماذا بهذه الطريقة تتصرف الرياض؟ فالمتمردون الحوثيون الذين يشرف محمد بن سلمان على محاولة إخضاعهم ردوا عليه الأسبوع الماضي بصاروخ بالستي بأمر إيراني طبعاً.
أما قطر فقد أصبحت عصية على الخضوع، ربما بفضل تنبهها المبكر لما يجري ويخطط له، فنسجت شبكة أمان دفاعية وأمنية وسلعية كاملة وذات ديمومة مع عدة دول، وأدارت حملة رتبت بمقتضاها الأمور الحياتية والطرق البحرية والجوية، مبتعدة تماماً عن مكامن الشر، ولكن كلمة السر في المسلك السعودي قد تكمن في انفتاح على إسرائيل تباركه واشنطن.
أما عندما نسمع الجبير يقول من مدريد إنه لا يمكن السماح لحزب الله بأن يعمل فوق القانون ويتنقل في سوريا والبحرين واليمن، فنحن والله نؤمن بذلك، ولكن ألستم معي بأن الطريقة التي تدير فيها السعودية الأزمة حتى لو وعد ترامب بأمور لن يوفي بها، عززت وقوّت إيران وحزب الله، وقللت من هيبة الدولة العربية الكبرى التي تلعب على الساحة بطريقة ترقيعية؟
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
19/11/2017
3070