+ A
A -
حاولت أن أبتلعه أو أبتلع أفعاله، ففشلت، لكنني عاودت المحاولة فلعل وعسى. غير أن ما يبدر عنه وعن معاونيه صادم وغير قابل للهضم. ثمة أمور غريبة تحدث، وهي فوق العادة وخارج إطار التصور.
لم أفهم، إذْ حتى إسرائيل كما تقول صحفها ليست على درجة من الغباء لدخول حرب في لبنان خدمة للسعودية التي عاشت هي الأخرى «15» سنة من الحرب الأهلية هناك.
ليس أمام ولي عهد السعودية محمد بن سلمان الثلاثيني، كبير. ولا يريد حتى استرضاء أحد أو التحالف مع أحد. ما يفرض السؤال: ماذا يحدث لو احتجزت إيران حليفها العراقي حيدر البغدادي وأعلنت استقالته من طهران؟! لكن المريب أن الاستخبارات الألمانية توقعت أموراً كهذه تشابه ما يمارسه شاب غير مجرب في دولة بحجم السعودية.
ماذا يملك من هو في هذا العمر حتى لو حصل على أعلى درجات العلم الجامعي. كيف يتحكم في الأمور وكيف تكون له كلمة على كبار العائلة وكيف تكون له سلطة التفاوض والحكمة والحكم في كل شيء تقريباً؟ من هو هذا الأسطورة؟!
لعلنا لا نخطئ إنْ قلنا إنه مضطر لأن يكون متهوراً، لسبب بسيط وهو أنه لا يملك وقتاً للتفكير، وتهوره يثبت أنه أنجز! أما برلين فقد تنكرت استخباراتها لتوقعاتها المرعبة للحفاظ على عقودها مع السعودية.
وهل هناك من تهور يفوق احتجاز أحد عشر أميراً ومئات الفاسدين في فندق الريتزكارلتون؟ هؤلاء هم الأثرى في العالم ويحاسبون بتهمة الفساد على يد أمير، بعمر أولادهم وأحفادهم.
بأي حق يوضع رئيس وزراء منتخب مثل سعد الحريري ورئيس دولة مسن مثل هادي عبدربه منصور تحت الاقامة الجبرية وعائلاتهما تحت رحمة رجل ثلاثيني، علماً أن هادي ونجليه في الأسر منذ شهور، والحريري يتطلع للعودة إلى بيروت خلال يومين؟
ما يجري ليس نزهة ولا فيلم رعب ولا حتى مساعي اصلاح جاد، بل هو حقيقة مفزعة يزيدها دونالد ترامب خطورة والتهاباً بقوله في تغريدة بتويتر: «سلمان ومحمد يعرفان تماماً ما يفعلانه»!
أما بالنسبة لدولة قطر فيبدو أن محمد بن سلمان يتصور هو ومن يصفقون له، أن هذه الدولة سرعان ما تنقاد إلى سطوة الحكومة «المركزية» في الرياض. لكن الحقيقة الدامغة التي يتناساها هذا الشاب هو أن صاحب السمو الأمير أدرك بحسه الوطني بعيد المدى واستشرافه الأحداث والتطورات المريضة وفداحة ما هو قادم، فلجأ بذكاء يحسب له، إلى خصمي الرياض الأساسيين تركيا وإيران، مؤمِّناً من كليهما ما يلزم من أعتدة ومعونات متنوعة تمكن الدولة من مواصلة عيشها كريمة مرفوعة الرأس ذات استقلال وسيادة غير قابلين للمس.
بكل الأسف والألم نعترف أن السعودية لم تكن إطلاقا مؤهلة لقيادة العالم العربي بعد خراب سوريا وانهيار العراق وضعف مصر، مما دفع فلسطين بكاملها إلى حضن إسرائيل الغاصب. وما من شك في أن الرياض بمشاكلها غير القابلة للحل وعدم رغبتها أو قدرتها على قيادة العالم العربي أو الاهتمام بقضيته المركزية فلسطين، لتسير بالعروبة نحو الاستسلام، ولا شيء غيره.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
16/11/2017
2955