+ A
A -
أكثر مفاجآت الانتخابات اليابانية المبكرة التي دعا إليها رئيس الحكومة «شينزو أبي» في أواخر سبتمبر هو أن «حزب الأمل» المؤسس حديثاً بقيادة عمدة طوكيو السيدة «يوريكو كويكي» والتي قيل إنها تشكل تحدياً كبيراً لـ«أبي» لم يحصد سوى 50 مقعداً من مقاعد مجلس النواب البالغ تعدادها 475 مقعداً، مقابل حصول الائتلاف الحاكم (الحزب الليبرالي الديمقراطي+ حليفه الصغير حزب كوميتو) على ثلثي عدد المقاعد (313).. وبهذا ضمن «أبي» البقاء في السلطة لفترة ثالثة.. فإذ ما قرر حزبه في العام القادم أن يستمر زعيماً له، فإن ذلك يعني بقاءه في السلطة حتى عام 2021، وبالتالي سوف يخلد اسمه كأكثر رؤساء الحكومات اليابانية بقاءً في الحكم.
نستنتج مما سبق أن الحزب الليبرالي الديمقراطي ليس من السهل هزيمته وسوف يبقى كذلك لسنوات طويلة أخرى لأنه حزب صلب متماسك بعكس منافسيه.. فقد هيمن على الساحة السياسية، وحكم اليابان بنجاح، طيلة الحقبة التالية للحرب العالمية الثانية عدا فترات محدودة قرر فيها الناخبون تجربة حزب آخر يقود بلادهم، فجربوا وندموا وعادوا يمنحون أصواتهم لليبرالي الديمقراطي.. وقد تجلى هذا بوضوح في الانتخابات الأخيرة، حيث تحدى اليابانيون واليابانيات طقس يوم الانتخاب الصعب وخرجوا يصوتون لحزب جربوه طويلاً، بدلاً من المراهنة على حزب يجهلون طريقة أدائه.. نقول هذا على الرغم من أن نسبة التصويت في الانتخابات كانت أقل من 54 %، وهو ما جعل «أبي» يعلن أنه لا يملك تفويضاً شعبياً كاسحاً لتنفيذ خططه حول تغيير دستور البلاد، وبالتالي سوف يعرضها على استفتاء جماهيري.
كما نستنتج أن اليابان ليست مستعدة بعد لاختيار أمرأة كي تقودها على غرار ما حدث في العديد من الأقطار الآسيوية الأخرى، حتى وإن كانت المرشحة في كفاءة وكريزما السيدة كواكي.. وهذا يجرنا إلى الحديث عن دور المرأة في الحياة السياسية لهذا البلد المتقدم، وهو دور لا زال منقوصاً ولا يتناسب مع ما بلغته من علم ومهارة.
صحيح أن هناك تطورات كبيرة ومشهودة حدثت في السنوات الأخيرة على صعيد تمكين المرأة اليابانية من البروز سياسياً وشغل المناصب الحكومية التي اعتاد على شغلها الرجال.. نذكر منها تحديداً منحها حقيبة الخارجية لأول مرة في عهد رئيس الحكومة الأسبق «جونيتشيرو كويزومي» (تولتها ماكيكو تاناكا ابنة رئيس الوزراء القديم كاكوي تاناكا وتمت إقالتها مع نائبها في يناير 2002 على إثر نشوب خلافات علنية بينها وبين نائبها، ناهيك عن اتخاذها لمواقف غير منسجمة مع مواقف الحكومة).. كما نذكر في السياق نفسه أيلولة حقيبة الدفاع لأول مرة إلى رئيسة مجلس أبحاث السياسة في الحزب الليبرالي الديمقراطي السيدة «تومومي أنادا» التي اختيارها «أبي» للمنصب في أغسطس 2016 وأقالها في يوليو 2017 على خلفية الاشتباه بتسترها على تسجيلات قيل إنها تعرض سلامة القوات اليابانية العاملة في جنوب السودان ضمن قوات السلام الدولية للخطر.. أما على صعيد قيادة اليابانيات للأحزاب السياسية فنذكر انتخاب السيدة «رينو موراتا» اليابانية الأم التايوانية الأب في سبتمبر 2016 كزعيمة للحزب الديمقراطي في محاولة لإصلاح صورة الحزب الملطخة بالانقسامات والفساد والتخبط (اضطرت موراتا للتخلي عن القيادة على إثر انتقادات وجهها إليها زملاؤها الحزبيون لأدائها الضعيف في إدارة البلاد، ناهيك عن الكشف عن احتفاظها بالجنسية التايوانية وهو ما يتعارض مع القانون الياباني الذي يلزم مزدوجي الجنسية بالتخلي عن إحداهما عند سن البلوغ). كما نذكر قيادة «يوريكو كويكي» لحزب الأمل، علما بأنها تولت حقيبة الدفاع خلفا لـ«تومومي أنادا»، قبل أن تفوز بعمادة طوكيو.

بقلم : د. عبدالله المدني
copy short url   نسخ
12/11/2017
2296