+ A
A -
أكبر الخاسرين من يعتقد أن هناك طريقة ما، عملية أو خرافية لرفع نسبة الاتفاق بين الأفراد إلى 100%. حتى التوأمان المتطابقان يختلفان في الشخصية والسلوك وطريقة التفكير. أي وقت ننفقه في تشكيل الآخر حسب مقاييسنا هو وقت مُهدر بأي حال. بل حتى من ينجح في تعميق التشابه إلى حدٍ كبير، ما يلبثان إلا واكتشف أحدهما فرادته الثمينة وسعى لتمكينها. لذا الحكماء والأحرار لا يميلون لحشر الآخرين في أصصهم الفكرية، كلما زادت الحكمة احترمت الخيارات والخصواص الفردية. ولكن حتى مع أعلى درجات الحكمة هناك ظروف خاصة يضطر فيها أحدنا لأن يثني شخصًا ما عن قراره، أو يدفعه لجهة، أو يرجح له اختيار الأفضل. ظروف خاصة وحرجة. تخيّل مثلاً، وهنا مثال «شاطح» قليلاً: أنت تمشي في طريق ورأيت عابرا ينوي الانتحار عن طريق دفع جسده لاعتراض سيارات مسرعة. أنت بحاجة لأن تتدخل، الوقت ليس في صالحك، وحياة أحدهم في خطر. كيف يمكنك أن تؤثر عليه؟ إنها إحدى أهم آليات التواصل: «الإقناع». إنها موهبة على الصعيد الأول، كاريزما ذاتية، ثمة من يولد بصوت كما لو أنه آتٍ من مكان ما دافئ وأخضر، أو بابتسامة تسلب القلب، مجرد ابتسامة كفيلة بأن تعكس تفكيرك أو مزاجك! أو بمنطق ساحر، يحاصرك بقوته وإقناعه وموضوعيته وتسلسله المنطقي. لكن ليس كلنا بالطبع نمتلك تلك الهبة الربانية الباهرة. إنها هدايا الله، ولا شيء يشبه هداياه. نعود لمثالنا: أنت تعبر الطريق وعلى الناصية ثمة من يفكر بإنهاء حياته. وأنت أيضًا لم توهب كاريزما! ماذا ستفعل؟
لا يوجد طريقة بالفعل تحولك بضغطة زر إلى شخص مؤثر، ولكن يمكنني أن أساعدك لتتجنب تفاقم الأمور وسيرها عكس مصالحك والآخر. أولاً: تجنب التخويف، مهما كان مُجديًا، لأنه وقتي وزائل، نعم.. سيحقق نجاحا ولكن المتأثر به لا بد أن يبدد مخاوفه يومًا ما. وقتها سيكرهك، سيكرهك للغاية، لأننا لا يمكن أن نغفر لمن جعلنا عبيدًا للمخاوف. ثانيًا: تجنب اتخاذ ذاتك مثالاً بتمجيد ذاتك الكاملة، وإسراف الوقت بمدائحك وذكر محاسنك. لا يمكنك أن تكون قدوة في الأوقات الحرجة تلك. ولن يشعر الآخر تجاهك إلا بأنك شخص منتفخ وأناني. سيقول مراراً لنفسه: متى سيفكر بي؟
مساحة المقال انتهت هنا.. سنتابع لاحقًا
بقلم : كوثر الأربش
copy short url   نسخ
19/05/2016
2079