+ A
A -
سرعان ما تلقّت «إسرائيل» المصالحة الوطنية الفلسطينية كموضوعٍ دسم لتُمرّر عبره، ومن تحتهِ أيضاً، جملة من الخطط والنيّات المُسبقةِ، كان منها استهدافٍ مُبيَّت لموقع عسكري تابع لسرايا القدس الجناح العسكري الفدائي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مع تعمّدٍ هذه المرة لإيقاع أكبر عدد من الشهداء. فجاء عدوانها الأخير على القطاع كدليل بأنها تُريد فرضِ نفسها في التفاصيل كافة، فهي على خطٍّ موازٍ، وبينما تواصل عمليات تهويد الأرض، لا تريد الدخول في المفاوضات إلّا تحت سقفٍ واضح، يتعلق بنزع سلاح المقاومة.
مع ذلك، وبعد العدوان على القطاع، والغارة الأخيرة على نفق سرايا القدس، سارعت تل أبيب إلى طلب التهدئة من القاهرة، كذلك حاولت التملّص من بعض تبعات الاستهداف بادّعاء أنه لم يكن مقصوداً استهداف قيادات ولم تستعمل أسلحة محرمة كالغازات السامة.
إنَّ لغة الخطاب السياسي «الإسرائيلي» الرسمي بشأن المصالحةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ المدعومةِ بارادةٍ اقليميةٍ ومناخٍ دولي، تُحاول المناورةِ والإلتفافِ وتساير أصوات التطرف الصادرة عن بعض وزراء اليمين كالوزير (نفتالي بينيت)، وتركّز على المطالب المُتعلقةِ بشروطِ الرباعيةِ الدوليةِ. فحكومة نتانياهو تعتقد بأنه يتوجب على أي مصالحةٍ بين السلطةِ الفلسطينيةِ وحركة حماس أن تشمل التزاماً بالاتفاقياتِ الدوليةِ وبشروطِ الرباعيةِ الدوليةِ وعلى رأسها مسألة الاعتراف بـ«إسرائيل» ونزع سلاح الجناح العسكري لحركة حماس كتائب الشهيد عز الدين القسام. حيث كان (أوفر جندلمان) المتحدث باسم رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو قد قال «إن مواصلة حفر الأنفاق وإنتاج الصواريخ وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، كل هذا يخالف شروط الرباعية الدولية والجهود الأميركية الرامية إلى استئناف العملية السلمية». وتابع قوله إنه «ما لم تُنزع أسلحة حركة حماس، واستمرت بدعواتها إلى تدمير إسرائيل، فإن الأخيرة سوف تبقى تعتبر حماس المسؤولة عن أي عملية عسكرية ضد إسرائيل». وأضاف أيضاً أنه «إذا استلمت السلطة الفلسطينية المسؤولية عن القطاع، فإن إسرائيل تُصرّ على ألا تسمح السلطة الفلسطينية لحركة حماس بإطلاق أي عمليةٍ عسكريةٍ، كما بالإفراج عن الجنود الإسرائيليين الموجودين بقبضة كتائب القسام في قطاع غزة».
وبالطبع، إن أصوات التطرف في دولة الاحتلال، ستطلق صيحاتها ضد المصالحة الوطنية الفلسطينية مع تقدمها وتحقيقها إنجازاتٍ ملموسة في الفترةِ التالية كما هو مُفترض، فالوزير «الإسرائيلي» المتطرف (نفتالي بينيت) يصرخ الآن «لقد اختار الفلسطينيون تشكيل حكومة إرهابية» في إشارةٍ لحكومة التوافق الوطني الآتية. وزاد على تصريحات (نفتالي بينت) تلك المقالات التحريضية التي كتبها العديد من الكتاب «الإسرائيليين» المقربين من مصادر القرار وأصحاب التأثير على الرأي العام في كيان دولة الإحتلال، حيث اعتبر المحلل العسكري في صحيفة (يديعوت أحرونوت) أليكس فيشمان، أن «محادثات القاهرة أبقت بأيدي حركة حماس الأنفاق والمختبرات ومصانع صنع السلاح والطائرات بدون طيار وكتائب عز الدين القسام والكوماندوس البحري. وعملياً، بقي الذراع العسكري لحركة حماس كما كان وتحت قيادة مباشرة وحصرية لحركة حماس».
وبالنتيجة، نحن الآن أمام موقف «إسرائيلي» مُخادع، يُحاول تصوير الأمور وكأن «إسرائيل» لاتعارض تحقيق المصالحة الفلسطينية لكنها ترفض أن تكون دافعة لأثمانها، حيث لاتتوافق عندها المصالحة الوطنية الفلسطينية بوجود مقاومةٍ وبنيةٍ تحتيةٍ عسكريةٍ فلسطينيةٍ عند أي طرفٍ فلسطيني، وحتى مقاومة مدنية شعبية سلمية، وبوجودٍ موقف ولو كان سياسياً يتعارض مع شروط الرباعية الدولية ومنها مسألة الإعتراف بوجود «إسرائيل» علماً أن هناك العديد من الأحزاب السياسية في «إسرائيل» ومن داخل الائتلاف الحكومي لا تعترف أصلاً بوجود الشعب الفلسطيني.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
08/11/2017
1637