+ A
A -
يبدو أن المعيقات والتغيرات والخروقات المتواصلة سياسيا وميدانيا، هي التي ستفرض نفسها على الساحة السورية في المستقبل المنظور، وليست التسويات المأمولة على ضوء إنشاء مناطق خفض التوتر، وإجراء المصالحات المجتمعية، والحملة الاعلامية الروسية لاقناع العالم بأن الحرب هناك انتهت.
كم نتمنى ذلك ونرجوه، لكن الحقائق على الارض تروي لنا حكاية مختلفة، ابتداء من ان الانتصار على داعش بنسبة 95 بالمائة مثلا، لا يعني ان الخمسة بالمائة المتبقية غير قادرة على تسميم الاجواء وعرقلة التسوية جراء قدرة التنظيم الارهابي - ومعه جبهة النصرة - على نشر فيروسات الشر كما ينتشر الفطر، ليس في اقليمنا فحسب، بل في اميركا وأوروبا وآسيا على السواء، وهو ما يجري وسيظل للأسف، يجري لفترة طويلة قادمة.
ولا يخفى على احد ان تطويع المعارضة السورية فشل تماما بدليل الضغوط المستمرة على رموزها لحضور الجلسات المتكررة المجيرة لاستفراد موسكو بشروط الحل، وآخرها رفض المعارضة الاربعاء الماضي حضور اجتماع الآستانة في 18 نوفمبر المقبل، لأن اللقاء حسب قولها هو بين »النظام والنظام« ويعقد في غياب أي رعاية من قبل الامم المتحدة.
وفيما ابلغت فصائل المعارضة (30 مجموعة) مبعوثا لبوتين ان الآستانة الثامنة هي بمثابة تلاعب على جنيف ونسف للشرعية الدولية، تردد ان الروس متمسكون بالموعد المحدد للمؤتمر حتى لو غابت المعارضة كلها.
وهذه بالطبع عقبة اخرى من العيار الثقيل، تضاف الى قلق روسي واضح من احتمال تقسيم سوريا، وهو ما جاء على لسان بوتين وكررته المواقع الروسية التي حذرت من انه ما لم تنخرط مناطق التهدئة في حوارات سياسية جادة للوصول الى توافق مجتمعي، فإن الخطوط الوهمية الفاصلة بين تلك المناطق ستتحول الى حدود فعلية بين دويلات.
وكما قال موقع »آر.تي« الروسي، فإن واشنطن تعمل لتوسيع نفوذها في سوريا، وهو ما يعني، حسب الموقع، ان رسم ملامح الدولة السورية الجديدة سيواجَهُ بتعطيل اميركي للانجازات الميدانية الاخيرة التي حققها الروس لصالح دمشق.
وترى موسكو أن إخفاقات اميركا العسكرية والسياسية في سوريا لا توقف احلامها ومخططاتها، ذلك ان هدف واشنطن الاساسي هو ايجاد موطئ قدم لها للتأثير في الوضع السياسي بعد ان تضع الحرب أوزارها.
كذلك اعلنت وزارة الدفاع الروسية ان واشنطن أنشأت قاعدة عسكرية »غير شرعية« في منطقة التنف بجنوب سوريا، تمنع الاقتراب منها لمسافة »55« كيلومترا، تحت طائلة التدمير والابادة، كما شكل الاميركيون »معارضة معتدلة« تحت قيادة ما سموه الجيش الوطني ودمجوا عدة مجموعات مقاتلة بهذه القوة، التي وصفتها موسكو بالعصابات المسلحة المستأجرة.
وتزداد الامور خطورة على ضوء مخطط اميركي قيد الاعداد لاحتلال ثلث سوريا كما تقول صحيفة روسية، وهو ما يضمن الاستيلاء على 70 بالمائة من حقول النفط والغاز في البلاد، ضمن أهداف اخرى.
كما تتماشى مع التطورات، تصريحات لعلي أكبر ولايتي الذي يتوقع اشتباك القوات الاميركية بقوات النظام عندما تُقْدِم الاخيرة على دخول الرقة قريبا. ويضيف ولايتي المستشار المقرب من خامنئي ان ما يجري هو تدخل اميركي غير مسبوق في القتال، وأن الاميركيين في تموضعهم شرق الفرات، يسعون لتقسيم سوريا الى شطرين!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
05/11/2017
3831