+ A
A -
أيا كانت الجهة التي تقف وراء مقتل قائد عمليات حزب الله في سوريا مصطفى بدر الدين، فإن أسئلة مشروعة لابد وأن تطرق أذهان قادة الحزب وبقوة؛ هل تستحق المهمة في سوريا كل هذه الخسائر؟ هل من نهاية لنزيف القيادات النوعية، والقوى البشرية المدربة؟ وكيف يمكن تعويض النوعية في الخسائر.
الأسابيع الأخيرة في سوريا، مثلت كابوسا لإيران وحزب الله.. خيرة المستشارين العسكريين الإيرانيين، قتلوا في ضربة واحدة. أهم قيادي عسكري في الحزب، وخليفة عماد مغنية، يسقط على مقربة من الموقع الذي قتل فيه الأول، ولا تنسوا سمير قنطار أيقونة الحزب الذي غامر بسيرته النضالية، فكتب نهايته في سوريا. لا تتوفر إحصائية دقيقة، لكن المقربين من حزب الله، يفيدون بحصيلة ثقيلة من الخسائر البشرية. يقال في أوساط الحزب والطائفة، أن ثمة مخزوناً بشرياً كبيراً قادراً على الاستمرار في تغذية جبهات القتال بحاجتها من المقاتلين.
لا يبدو هذا المعطى دقيقاً مائة بالمائة؛ الأسئلة عن نهاية الكابوس تتدحرج في البيئة الاجتماعية، التي وعدوها أكثر من مرة بنهاية قريبة للتدخل العسكري، لكنها لم تأت، فيما النعوش تتدفق على الضاحية كل يوم.
والمشهد ذاته يتكرر في إيران. سيل الجنازات لا يتوقف، وحتى مع دعم الجبهات بمرتزقة من أفغانستان وسواها، ما تزال حصة الإيرانيين في القتل ثقيلة ونوعية أيضا.
من يجرؤ اليوم على طرح الأسئلة الصعبة؟
مضى على التدخل العسكري لحزب الله في الشأن السوري نحو 3 سنوات. آلاف المقاتلين زج بهم في أتون الحرب، قتل من قتل، وغادر المئات ساحة الحرب بعاهات ترافقهم مدى الحياة. مبالغ طائلة أنفقت على الأسلحة والذخائر، وقع الكثير منها في يد الطرف الثاني، ولم يتغير شيء في الميدان. انتصارات مؤقتة سرعان ما ترتد على أصحابها. تستعيد قرية هنا، وتخسر ثلاثة هناك.
المناطق التي بدا أنها محصنة وتحت السيطرة الدائمة يجري اختراقها يوميا، وإلا كيف طالت قذائف المعارضة الحصن الحصين للقائد العسكري الأول بدر الدين؟!
ورغم الادعاء بأن مقاتلي الحزب غيروا المعادلة في الميدان ونجحوا في استعادة مناطق شاسعة من المعارضة، فإن الخسائر البشرية تزيد بشكل كبير على نحو يكذب تلك الادعاءات.
لقد كان واضحاً أن التدخل العسكري الروسي، قد بدل الظروف في الميدان، لصالح قوات النظام، لكن الملاحظ أن روسيا لم تضع في الحسبان مصالح الآخرين؛ إيران وحزب الله. أوليس غريباً أن خسائر الطرفين المذكورين زادت بشكل ملحوظ بعد التدخل الروسي؟
لا يتسرب الكثير عما يدور من سجالات داخل أروقة الحزب وغرفه المغلقة. لكن ليس ثمة شكاً بأن هناك من يطرح ولو بأثر رجعي الأسئلة؛ هل كانت التوقعات بقدر الوقائع؟ هل كانت قيادة الحزب تدرك أنها ماضية لحرب طويلة ولا نهاية لها؟ لو أدركت هذه المعطيات هل كان ذلك سيؤثر على قرارها بالتدخل العسكري؟
سيخرج من قيادات الحزب من يقول بأن مثل هذه الأسئلة لا جدوى من طرحها. لقد فات زمانها، ولم يعد بالإمكان التراجع.
من الناحية الميدانية، وبالنظر إلى حجم الخسائر، يبدو مثل هذا القول صحيحاً؛ كيف نتراجع بعد كل هذه التضحيات؟
الأرجح أن هذا هو المنطق السائد عند حزب الله وإيران وسائر الأطراف المتورطة في المستنقع السوري.
إن لم يقدم المجتمع الدولي على تقديم خشبة الخلاص للسوريين، ستمضي سوريا على هذا النحو، ولن يخرج أحد سالماً من نيرانها. ستحرق الجميع، فلا يعود مبرر في الأصل لطرح الأسئلة الصعبة. هل فات الوقت حقاً على الاحتكام للعقل في سوريا؟
الوقائع الميدانية تفيد بذلك. قريباً سيلمع اسم قائد عسكري جديد للحزب في سوريا، وقريباً ستتوارد الأخبار عن مقتله.
بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
19/05/2016
3611