+ A
A -
استفزت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي مشاعر وأحاسيس مليار ونصف المليار مسلم في أرجاء الدنيا حينما أعلنت أن بريطانيا ستحتفل بذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور الذي منحت فيه بريطانيا على لسان وزير خارجيتها آرثر بلفور أرض فلسطين المسلمة التاريخية بكل ما فيها لليهود وتعهدت ببذل كل الجهود لإقامة وطن قومي لهم وجاء في نص الرسالة التي وجهها بلفور إلى اللورد روتشيلد في 2 نوفمبر عام 1917 «إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بذلك».
هذا الوعد مِن مَن لا يملك إلى من لا يستحق جريمة في كل الأعراف والقوانين الدولية وكان يجب أن تعتذر عنها بريطانيا لاسيما بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها الصهاينة طوال المائة عام الماضية بحق شعب فلسطين وبحق العرب جميعا حيث لم تقف الجرائم الصهيونية عند حدود شعب فلسطين لكن الجميع فوجئ بأن رئيسة الحكومة البريطانية جاءت بعد مائة عام لا لتعتذر بل لتفخر بما شاركت به بريطانيا إسرائيل من جرائم بحق المسلمين جميعا.
فخلال الجلسة الأسبوعية لمجلس العموم البريطاني والتي كانت في 25 أكتوبر الماضي أعلنت رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماي التي تواجه فشلا ذريعا في إدارتها للحكومة وفشلا أكبر في إدارة حزب المحافظين «إنها ستحتفل بذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور بافتخار». وقالت ماي في تصريحات عن رسالة بلفور لروتشيلد «إن هذه الرسالة هي واحدة من الأهم في التاريخ وإنها تظهر الدور الحيوي الذي قامت به بريطانيا في إقامة وطن للشعب اليهودي وسوف نحتفل بهذه الذكري المئوية بفخر»، وأضافت ماي «يسرني أيضا تلك العلاقات التجارية الجيدة والعلاقات الأخرى التي تربطنا بإسرائيل أن نبني عليها ونعززها». وقد تناقلت وسائل الإعلام العالمية تلك التصريحات التي أتبعتها ماي بالتأكيد على دعوتها رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب بنيامين نتانياهو للاحتفال بهذه الذكرى على عشاء تقيمه على شرفه في لندن غد الخميس، وقد وجهت الدعوة لكبار السياسيين للحضور إلا أن رئيس حزب العمال البريطاني الذي طالب مرارا بإنهاء ظلم إسرائيل للفلسطينيين أعلن أنه لن يحضر عشاء تريزا ماي.
عشاء تريزا ماي سيكون على أطلال ما هدمه ونهبه الإسرائيليون من ممتلكات الفلسطينيين وبيوتهم طوال مائة عام وعلى جثث من قتلوهم من الفلسطينيين والعرب وعلى كل الجرائم التي ارتكبت ولازالت ترتكب منذ مائة عام من العصابات الصهيونية وتؤكد تريزا ماي من خلال هذا العشاء أن بريطانيا شريكة في كل هذه الجرائم، كما أن هذا العشاء هو دعوة للحركة الصهيونية أن تنقذ ماي من الورطة التي تعيشها داخل الحزب والحكومة لكن تريزا ماي نسيت أن هذا العشاء المسموم لن ينقذها من الفشل المحتوم الذي تسير نحوه وربما يكون العشاء الرسمي الأخير في حياتها السياسية.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
01/11/2017
11870