+ A
A -
لم يترك وزير الخارجية الأميركية ركس تيلرسون مجالا للشك في جدية الرئيس دونالد ترامب فيما يتعلق بمواجهة التوسع الايراني في الشرق الاوسط والخليج، وصولا الى تخلي واشنطن المحتمل عن الاتفاق النووي الموقع مع طهران، والذي رُفعت بموجبه عقوبات دولية كاسحة، وأعيدت مليارات مجمدة للخزينة الايرانية.
وما من شك في ان ايران وحلفاءها في وضع صعب اكدته اللهجة القاسية التي استخدمها تيلرسون في الايام الاخيرة، سواء عندما طالب بسوريا لا يحكمها آل الأسد، أو عندما ألح على ضرورة مغادرة الميليشيات الاجنبية التابعة لايران، الاراضي العراقية هي والمستشارين الوافدين من طهران الى بغداد، حتى يتاح للشعب العراقي ان يستعيد السيطرة على بلاده، كما قال الوزير الاميركي.
وجاء تحميل الامم المتحدة رسميا نظام بشار الأسد مسؤولية إلقاء غاز السارين من الجو على بلدة خان شيخون بإدلب في ابريل ما أدى الى موت وإصابة خمسمائة مدني حسب تيلرسون، ليضعف ويحرج مواقف موسكو وطهران ودمشق.
واستثمر الوزير الاميركي تورط حكومة الأسد بجريمة خان شيخون، لتحريض روسيا على التخلي عن بشار، معربا عن امله بأن يدرك الكرملين انه ربط نفسه بتحالف مع »شريك ليس جديرا بالثقة«، متوقعا ان تسفر العملية السلمية في سوريا عن آلية تمكن الاطراف المعنية من إبعاد عائلة الأسد كليا عن دائرة الحكم، خاصة بعد ان جردتها عدة هجمات كيماوية موثقة، من أي شرعية.
وإذْ ترى واشنطن ان بشار سيضطر للتخلي عن الرئاسة في اطار عملية السلام التي ترعاها الامم المتحدة، فإن التشدد المفاجئ في الموقف الاميركي تجاه مصير الأسد غيّر شروط اللعبة وقرّب روسيا والولايات المتحدة من حافة الصدام.
واللافت ان تيلرسون استخدم عبارات لم تعتد وزارة الخارجية الاميركية على اللجوء إليها، وذلك عندما قال للصحفيين ان »العراقيين عرب وليسوا فرسا، وان عليهم ان يقفوا في وجه النفوذ الايراني« على بلادهم، داعيا موسكو الى إلغاء تحالفها مع طهران والتحالف مع الاميركيين بدلا من ذلك.
والظاهر ان كل شيء يسير عكس ما يشتهي نظام دمشق هذه الايام، بما في ذلك اتهام الامم المتحدة النظام رسميا امس بالتسبب في موت الكثير من المدنيين جراء حصار تضربه قوات الحكومة على نصف مليون سوري في الغوطة الشرقية منذ اربع سنوات.
ولدى اعلان ستافان دي مستورا عن جولة مفاوضات جديدة في جنيف بتاريخ 28 نوفمبر المقبل، كشف المبعوث الدولي عن عدم وصول المساعدات الانسانية الموعودة الى سوريا، داعيا الى وضع خطة فعالة لانقاذ المختطفين وإطلاق المعتقلين.
ولأن تقلبات الصراع السوري ومستجداته ومفاجآته تخلط الاوراق مرة كل بضعة اشهر، فالمؤسف حقا هو الاضطرار في احيان كثيرة الى اعادة قراءة الكتاب من الصفحة الأولى!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
29/10/2017
2686