+ A
A -
- 1 -
وقَّعت وزارة التعاون الدولي السُّودانية والأمم المتحدة اتفاقية منحة بقيمة 9 ملايين دولار للمساعدة في مكافحة الإرهاب والتطرف، واعتبرت الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب الاتفاقية فتحاً لرفع كفاءة المؤسسات العاملة في مكافحة الإرهاب والتطرُّف في السُّودان.
بهذه الخطوة وغيرها أصبح السُّودان ضمن المنظومة الدولية لمواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة.
كانت السياسة الواضحة للولايات المتحدة الأميركية، تفكيك الدولة السُّودانية المركزية إذ أنها ترى أن الأقلية العربية المسلمة التي أفرزت حكومة الإنقاذ برئاسة عمر البشير، إحدى أبرز تمظهرات وتجليات المشروع العروبي الإسلامي في السُّودان.
رغم أن الإدارات الأميركية المتعاقبة ما بعد أحداث 11 سبتمبر ظلت تتحدث مرارا وتكراراً عن تعاون غير محدود من قبل المخابرات السُّودانية في مكافحة الإرهاب إلا أن السُّودان لايزال في القائمة السوداء للدول المتهمة برعاية الإرهاب.
واشنطن لا ترهق نفسها في فك التناقض البين في وضع دولة ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب وتصنيفها في ذات الوقت كدولة متعاونة في محاربته!

- 2 -
حسناً فعلت الحكومة السُّودانية وهي تتعامل بهدوء وبرود مع قرار رفع العقوبات الأميركية (لا مسيرات ولا هتافات).
التجربة السابقة بعد القرارات الأخيرة للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، كانت سيئة ومسيئة للحكومة، وأظهرتها بمظهر لا يليق بالحكومات المحترمة، فجرَّ عليها ذلك شماتة الشامتين وسخرية المستهزئين.
كان التنازع وادعاء كل طرف حكومي (حكرية) ما تحقق من نجاح نسبي ومحدود، سبباً في انصراف أجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من جدوى وقيمة ما تم، إلى الحديث عن تنازع وتشاكس مراكز القوى داخل الحكومة وبروز ثنائية التضاد (طه وغندور).

- 3 -
كل يوم يمضي يثبت أن العائد المترتب عن رفع العقوبات لن يكون سريعاً، فحركة الاقتصاد لن يعتدل حالها في يوم وليلة، وسعر الدولار لن يستقر في عشية وضحاها، والشركات العالمية لن تتسابق على أسواق السُّودان على أجنحة الريح.
سألتني مذيعة برنامج (بعد الطبع) بقناة النيل الأزرق، الأستاذة المتميزة شذى عبدالعال عن البيان الصادر من الخارجية السُّودانية الذي يصف التحذيرات الأميركية لرعاياها بعدم السفر للسودان بأنها (متناقضة وغير دقيقة).
مصدر التناقض بالنسبة للخارجية السُّودانية تأكيد واشنطن على تعاون السُّودان في ملف الإرهاب، ضمن المسارات الخمسة التي ترتب عليها رفع العقوبات، مع إصدار تحذيرات في ذات الوقت لرعاياها من عمليات إرهابية
قلت لشذى ليس هنالك تناقض، تعاون السُّودان في محاربة الإرهاب لا يتعارض مع احتمال وقوع أعمال إرهابية.
بل ربما هذا التعاون قد يصبح سبباً في وقوع عمليات إرهابية، لا قدر الله

- 4 -
إعلان الولايات المتحدة المتكرر عن تعاون السُّودان في مواجهة الجماعات الإرهابية، ربما يدفع بهذه الجماعات لوضع السُّودان في قائمة الاستهداف بدافع الانتقام.
للسودان وضع جغرافي يجعله على مقربة من أكبر خطرين إرهابيين في العالم.
إرهاب شرق أوسطي تمثله داعش، موجود الآن في ليبيا ومصر، وإرهاب إفريقي تعبر عنه بوكو حرام يأتي من غرب إفريقيا.

- 5 -
إذا كانت العقوبات الأميركية مثلت أكبر عائق لحركة الاقتصاد السُّوداني، فإن رفعها سيصبح أكبر تحدٍ أمني يواجه الدولة السُّودانية وأجهزتها الأمنية.
السُّودان ظل طوال الحقبة الأخيرة ما بعد 11 سبتمبر خارج دوائر استهداف الجماعات الإرهابية، حتى العمليات التي وقعت كانت محدودة الأثر وفي نطاق ضيق.
ما بعد رفع العقوبات أصبح السُّودان جزءاً من المنظومة العالمية لمحاربة الإرهاب وهذا وضع يجعله أمام التزامات كبيرة وتحديات أكبر.
- 6 -
في يناير الماضي عقب الرفع الجزئي للعقوبات، سألت سعادة الفريق محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات، في مؤتمر صحفي بمباني وزارة الخارجية، عن استعدادهم للتعامل مع المهددات المترتبة على دخول السُّودان منظومة مكافحة الإرهاب.
أجاب الفريق عطا بكل وضوح وشفافية: (سنظل نكافح الإرهاب، وجاهزون لأي نتائج).

-أخيراً-
الثقة كبيرة في أجهزتنا الأمنية، فهي لها من الكفاءة والمقدرات والخبرات ما يمكنها من وضع كل التحوطات والتدابير اللازمة لحماية الجميع، مواطنين وأجانب من المخاطر الإرهابية.

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
29/10/2017
3621