+ A
A -
تتمركز ثقافة المجتمع القطري على شكل دوائر حول دائرة مركزية رئيسية هي ثقافة السلطة، بينما تدور جميع الدوائر الاخرى في فلكها، فالفرد القطري بالتالي مزدوج الشخصية فيه من دائرته الثقافية جزء، والجزء الآخر يبحث عن موقع له فيه داخل دائرة الثقافة الرئيسية التي هي ثقافة السلطة، ثمثل دوائر ثقافة المجتمع الفرعية، جميع تفرعات المجتمع القبلية والاجتماعية والطائفية، وتصطبغ في ذهنية المجتمع تأثرا برؤية ثقافة السلطة لها بصبغة وبأوصاف تميزها عن غيرها فهؤلاء «أهل قنص» وأولئك «أهل بحر» والآخرين «أهل تجارة»، لكن المجتمع مع حراكه الاجتماعي وتطوره كسر النسق التراتبي المقفل فأصبح هناك كوادر فنية واكاديمية ومثقفون من جميع دوائر المجتمع بلا استثناء إلا أن العلاقة مع الثقافة الرئيسية ظلت كما هي علاقة المتبوع بالتابع، فاختفى التميز والتطور الذي حققته ثقافة المجتمع فيما يتعلق بعلاقته مع الثقافة الرئيسية في المجتمع، حيث لاتزال الثقافة الرئيسية لافراد ثقافة المجتمع ينظر اليها من خلال تلك الانساق السابقة لعملية التطور التي شهدها المجتمع، وكلما توسعت ثقافة السلطة واتخذت شكلا جديدا ضغطت بالتالي على ثقافة المجتمع، وعملت على اضعافها، فيصبح لا مجال لوجود رأي عام أو مجال عام تداولي ستحتاجه البلاد يوما خلال تطورها السياسي والاجتماعي، من المفترض ان تكون ثقافة المجتمع منتجة لثقافة سلطته حتى لا يحدث التصادم أو الازدواجية وحتى يستقيم المجتمع نفسيا، فالمجتمع الآن يبحث عن جزء من ثقافته ونفسيته داخل إطار ثقافة السلطة ما أمكن، مما يفقده التأثير والانتاجية ويجعل من التعليم والشهادة العلمية مجالا ليس للانطلاق منه إلى الانتاجية والعمل بقدر ما يكون وسيلة للحصول على موقع داخل ثقافة السلطة، وإن تحقق ذلك بدونها، تكون قد فقدت قيمتها وذهب التعب في تحصيلها هباء منثورا.
عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
18/05/2016
859