+ A
A -
من يتابع «الفيسبوك» السوري منذ عدة سنوات، سيلفت نظره رسائل يومية تكتبها سيدة على صفحتها الشخصية، موجهة إلى زوجها، السيدة من مدينة الرقة، وزوجها مختطف من قبل تنظيم داعش، الدكتور إسماعيل الحامض، هو اسم الزوج، وهو طبيب بشري كان يعمل في إحدى الدول الخليجية حين انطلقت الثورة، وفي نهاية عام 2011 قرر ترك مكانه الآمن وعمله المستقر، ليعود إلى الرقة، كان يؤمن أن واجبه هو التواجد تلك اللحظة في الرقة، حيث بناته وزوجته، وحيث التغيير المرجو بات قريبا، كما كان الجميع يظنون وقتها، عودته كانت لافتة، إذ كان موسم الرحيل خارج سوريا قد بدأ، هربا من الاعتقال والموت.
لكن الدكتور إسماعيل الحامض عاد وافتتح عيادته في الرقة، وشهد كل الأحداث التي توالت على المدينة بدءا من انسحاب قوات النظام منها، وتسليمها إلى ما عرف وقتها بأحرار الشام، ثم انسحاب أحرار الشام وتسليمهم المدينة لتنظيم داعش، أكثر التنظيمات تطرفا وإجراما، كان الدكتور الحامض وقتها يشتغل ليل نهار في عيادته وفي خارجها، يساعد المرضى والمصابين والجرحى، كان العمل في ظل احتلال داعش بالغ الخطورة.
ومع ذلك رفض الاستماع إلى توسلات عائلته وأصدقائه بالرحيل عن المدينة، وبقي متمسكا بالبقاء ظنا منه أن الأمر سينتهي قريبا، وأن تنظيم داعش لن يستمر طويلا، وعند رحيله ستحتاج الرقة الكثير من الجهد والعمل لإنقاذها مما حدث فيها، غير أن شخصية منفتحة ومؤثرة مثل شخصية الدكتور إسماعيل الحامض كانت لتشكل خطرا كبيرا على التنظيم وعلى رغبته في مسح عقول الناشئة في المدينة، صدر الأمر على ما يبدو باعتقاله وإخفائه، مثلما صدر الأمر باعتقال مجموعة من نشطاء مدينة الرقة، حيث اعتقل التنظيم يومها فراس الحاج صالح وعبدالله الخليل وإبراهيم الغازي ومحمد نور مطر وآخرين كثر.
أفرج عن قسم منهم بينما ظل مصير آخرين مجهولا حتى الآن، ومنهم الدكتور إسماعيل الحامض وفراس الحاج صالح والآب باولو الذي كان لاختفائه ظروفا مريبة لم يعرف أحد سرها حتى الآن، ورغم كل التدخلات الدولية والمخابراتية مع تنظيم داعش، فإن المختفين ظلوا مختفين حتى الآن، وظل مصيرهم مجهولا لا يعرفه أحد غير مختطفيهم، والآن يتم الإعلان عن تحرير مدينة الرقة من داعش من قبل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من القوة العسكرية الأميركية.
هذا التحرير الثالث للمدينة الذي دمر ما كان قد بقي منها صامدا حتى الآن، وشرد المزيد من أهلها واللاجئين إليها، وتم إخراج عناصر تنظيم داعش (معززين مكرمين) مع عائلاتهم من المدينة ونقلهم إلى مدينة دير الزور المنكوبة النكبة الكبرى، ورغم أن الخلاص من داعش بحد ذاته مدعاة للفرح وخطوة متقدمة نحو التغيير المنشود.

بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
24/10/2017
2562