+ A
A -
عاشت فنزويلا الأسابيع الأخيرةِ لحظاتٍ حاسمةٍ. فالرئيس Vنيوكولاس مادورو صَمَّمَ على إجراء انتخاباتِ الجمعيةِ التأسيسيةِ. والمعارضة بمعظمها دعت لمظاهراتٍ رافضة ومنددة قبل تنفيذ مطالبها المعلنةِ، لكنها في نهاية الأمر شاركت في الانتخابات بمعظم تكويناتها. فكانت الانتخابات التشريعية إياها، بمثابة اختبار للرئيس نيوكولاس مادورو وللمعارضة على حد سواء، وقد جاءت بعد تظاهرات دامية استمرت عدةِ أشهر، دون أن تؤدي إلى اسقاط النظام، وقد أودت بحياة 125 شخصاً وفق المعطيات المنشورة.
لقد نجح الرئيس الفنزويلي نيوكولاس مادورو في امتحان الانتخاباتِ التشريعيةِ نسبياً، مع تجاوز المطب الذي نصبته له بعض أطراف المعارضة الفنزويلية المدعومة من الولايات المتحدة. فالانتخاباتِ التشريعية تمت بهدوء نسبي، ونقول بهدوء نسبي، لا كما توقعت المعارضة وواشنطن، حيث شاركت العديد من أطراف المعارضة في الانتخابات، التي لم ترافقها العواصف الداخلية الواسعة.
ووفق المعطيات الرسمية الأخيرة للجان الانتخابية، فإن حزب الوحدة الاجتماعي الفنزويلي الموالي للحكومة تَمَكّن في الانتخابات التي أجريت الأحد 15 أكتوبر 2017، من الفوز في (17) إقليماً، من أصل (23) ولاية، فيما لم تَفُز المعارضة سوى في خمسةِ أقاليم، ولا تزال النتيجة في إقليم بوليفار غير مُعلنة لغاية الآن. وقد أعلنت المعارضة في فنزويلا أنها لا تعترف بنتائج انتخابات الأقاليم بشكلها الحالي، وتطالب السلطات بإعادة فرز جميع الأصوات، وترفض حتى الآن فتح حوار مع السلطة.
لقد كان من المتوقع أن تُندد واشنطن، بالانتخاباتِ الإقليمية التي جرت في فنزويلا، وأن تطعن بنزاهتها باعتبارها جرت دون وجود مراقبين دوليين حياديين وجديرين بالثقة، في بلد يشهد اضطرابات متتالية بين الحزب الحاكم والمعارضة بكل اطيافها السياسية والفكرية.
وقد رفعت واشنطن من وتيرة صوتها حين قالت في بيان لوزارة الخارجية «طالما يواصل نظام نيوكلاس مادورو التصرف كديكتاتورية استبدادية، سنستمر في العمل مع المجتمع الدولي ونستخدم كل ثقل القوةِ الاقتصاديةِ والدبلوماسيةِ الأميركيةِ لدعم الفنزويليين في جهودهم لاستعادة ديمقراطيتهم».
وعليه، إن من المتوقع أن تَشهَد فنزويلا خلال الفترةِ القادمةِ المزيد من الاضطراباتِ، فالمعارضة تُشكك بنزاهة العمليةِ الانتخابية وتطعن بنتائجها، مُعتبرة أنَّ النتائج المُعلنة مزوّرة، وأنَّ «الديمقراطية في فنزويلا أصبحت على المحك في ظل انتخاباتِ الجمعيةِ التأسيسيةِ المطعون بها، والتي ستحوّل مادورو بالفعل إلى ديكتاتور».
فيما تواصل والولايات المتحدة هجومها السياسي على نظام الرئيس نيوكولاس مادورو، وتواصل دعم المعارضة الفنزويلية سياسياً واعلامياً. حيث أجرى نائب الرئيس الأميركي مايك بنس اتصالاً بالمعارض الفنزويلي ليوبولدو لوبيز، الذي الموضوع تحت الإقامةِ الجبريةِ في وقتٍ سابق، حيث أشاد بنس بـ«شجاعة» لوبيز، ودعا إلى الإفراج غير المشروط عن كل المعتقلين السياسيين في فنزويلا، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإعادة البرلمان للعمل.
إنَّ التسخين المتوقع في الشارع الفنزويلي، يبدو الآن مع دعوة أطراف المعارضة الناس إلى النزول للشارع خلال الأيام القادمة، في تحدٍ جديد للحزب الحاكم والجيش، ولنتائج الانتخابات التي تشكك بها المعارضة.
وفي هذا السياق، نستطيع القول بأن ما يجري في فنزويلا غير بعيد على الإطلاق عن ملفات الصراع والتنافس الدولي بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا في الجهةِ المقابلة، فموسكو تحاول الآن ومن خلال الملف الفنزويلي مشاغلة واشنطن في حدائقها الخلفية.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
24/10/2017
2048