+ A
A -
قبل أيام قلائل غيب الموت المفاجئ وزير الصحة التونسي خلال مشاركته في ماراثون خيري للركض ضِمن حملة توعية لمُكافحة مرض السرطان، وأيضا لجمع تمويلات لبناء مستشفى لعلاج الأطفال المُصابين بمرض السرطان، حيث توفي هذا الوزير بعد أن ركض فقط 500 متر، وربما أراد هذا الوزير رحمه الله الركض مللا من إدارة الأمور من خلف المكاتب ومقاعدها المغرية الوثيرة.
وقبل أن أقرأ هذا الخبر المؤسف بنحو أسبوع، كنت أفكر في ممارسة رياضة الركض، خاصة أن الشتاء الجميل صار على الأبواب، وفي صباحاته الرائعة يحلو للمرء المشي والركض، وليكون ذلك تطويرا لرياضة المشي التي اعتدتها، ولكني ما أن قرأت هذا الخبر وتوابعه، حتى تراجعت تماما مؤثرا السلامة، ومتجنبا موتا مفاجئا في مضمار من شارع تظلل جانبيه أشجار سامقة، فضلا عن أنه يتعين على المرء أن يحترم تداعيات العمر الذي بلغه، والذي لا يتقبل أو يتحمل سلوكا مراهقا أو أي تصابٍ أرعن وجاهل.
ثم إنني اعتدت المشي لأنني اعتدت أيضا التفكير وممارسة كل العمليات العقلية التي تستوجبها الكتابة خلال المشي، فهناك علاقة ميكانيكية وفسيولوجية بين المشي والتفكير، حتى أنني أكاد أكتب موضوعاتي وأفكر فيها خلال المشي، فلماذا أركض، طالما أن المشي يجعلني اصطاد عصفورين بحجر واحد؟
وفي واقع الأمر فإن مثل هذا الموت المفاجئ يغيب كل عام عشرات الرياضيين وغير الرياضيين بمختلف دول العالم، وصحفيو الرياضة أكثر متابعة مني لهذه الظواهر، حيث يسقط هؤلاء الضحايا بغتة، ودون سابق إنذار، لأن قلوبهم لا تتحمل الجهد المبذول في الركض، ورغم ذلك نقرأ بين وقت وآخر تحريضا وتحفيزا على ممارسة رياضة الركض، الذي يقال إنه يطيل عمر القلب حيث يخفض خطر أمراض القلب إلى النصف، وينشط الصحة العامة، وفوائد أخرى عديدة، رغم أن الركض لا ينبغي أن يكون رياضة الجميع، بل رياضة مشروطة ومتاحة لمن يتحمل جهدها.
ومن ثم فهناك حاجة كبيرة لتوعية صحية وتدخل طبي استباقي لتحديد المسموح لهم بممارسة رياضة الركض، ولتجنيب الذين لا تتحمل قلوبهم عناء الجهد المبذول في الركض موتا مفاجئا، خاصة أنه يصادفني أحيانا من يمارسون الركض وهم بأحجام شجرة الجميز، وهي أحجام تهتز من تحتها الأرض لثقلها الشديد، مما يشكل مجهودها خلال الركض جهدا كبيرا وضغطا ثقيلا على القلب، فما فائدة أن يخسر المرء شحما ولحما، وأن خسر معهما حياته. وبمناسبة شجرة الجميز التي يوصف بها أصحاب الأوزان الثقيلة، فهي شجرة معمرة ثقيلة الوزن، يصل طولها نحو إلى 8 أمتار، وتثمر فاكهة الجميز، وهي فاكهة معروفة في جنوب الجزيرة العربية ومصر وربما الشام، ولها فوائد عديدة، وصارت حاليا فاكهة الأثرياء بعدما ارتفع ثمنها وقل إنتاجها ونافستها فواكه عديدة أخرى.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
17/10/2017
1628