+ A
A -
من الواضح أن أميركا تعيش أزمة نابعة من انقسام حاد بين تيارين حول الخيارات السياسية التي يجب أن تنتهجها على المستويين الخارجي والداخلي، تيار يريد الاستمرار في سياسة الهيمنة الأميركية ورفض التسليم بالتعامل الندي مع روسيا والصين وغيرهما من الدول الكبرى والإقليمية في العالم، وتيار يدعو إلى الاتعاظ من فشل هذه السياسة والأخذ بالاعتبار بأن أميركا لم تعد تستطيع التحكم بالقرار الدولي وفرض هيمنتها الأحادية، وأنه لم يعد بمقدورها شن الحروب المكلفة للاقتصاد الأميركي الذي يئن من عبء الدين العام وتراجع معدلات النمو وتنامي البطالة وتدهور مستويات معيشة الأميركيين.
هذا الصراع الداخلي هو الذي يدفع اليوم إلى هذه السياسة التصعيدية- الحربية، ولهذا فإن الكثير من المحللين يعتقدون، بأن أميركا عندما تصل إلى استحقاق أخذ القرار بش الحرب فإنها سوف تأخذ قرار التراجع لصالح اعتماد لغة التهدئة والحوار. أليس هذا ما حصل أخيرا مع كوريا الشمالية عندما أقدمت الأخيرة على إجراء تجربة القنبلة الهدورجينية والاستعداد لضرب الأراضي الأميركية إذا ما تجرأت أميركا بالاعتداء عليها. أليس هذا ما حصل عندما جاء وقت التوقيع الدوري على الاستمرار بالتزام أميركا الاتفاق النووي مع إيران وقام ترامب بالتوقيع، لأن لا بديل آخر لدى أميركا.
إن المرحلة التي دفعت أميركا إلى الشعور بالعظمة والكبرياء والغطرسة وبالتالي عدم قراءة الواقع جيدا وتجاهل مصالح الدول الكبرى والقوانين الدولية والضرب بها عرض الحائط، وأدت إلى مراهنة المحافظين الجدد، الذين صعدوا إلى سدة الحكم في عهد الرئيس جورج بوش الابن، على تحويل القرن الواحد والعشرين إلى قرن أميركي، إن هذه المرحلة انتهت بعد فشل حرب أميركا في أفغانستان والعراق في تحقيق أهدافها.
بقلم : حسين عطوي
copy short url   نسخ
15/10/2017
1751