+ A
A -
سيطرة فكرة، أو عاطفة ما قد يحجب عنا القدرة على فهم حقيقة جلية تتراءى أمامنا كالشمس لكنها تختفي خلف ضباب إدراكنا البشري المحدود المحكوم حينا بفكرة.. وبالعاطفة حينا اخر..لذلك أتذكر اليوم كم كان عقلي محجوبا عن إدراك ما كان يحدث في اليمن، وأتذكر حينها حديث أخت يمنية ناشطة في الأمور الانسانية، وأمور الإغاثة بعد انطلاق، وتكرار الضربات الجوية التي كانت تنفذها مقاتلات سعودية، وإماراتية ضمن عاصفة الحزم على الحوثيين حين أخبرتني كيف أن هذه الضربات ضد الحوثيين كانت تتسبب في مقتل المدنيين، حتى أن عوائل بأكملها كانت تدفن تحت ركام بيوتها لأن في المنطقة ذاتها بيتا ربما تجتمع فيه عناصر حوثية. حينها مع شعوري بالأسف كنت أعتقد أن ذلك من الأخطاء القاتلة القليلة أمام هدف عظيم روج على أنه الهدف من هذه الحملة ضد جماعة هدمت الشرعية في اليمن، وهددت حتى مقدساتنا في مكة، والمدينة. لكن مع تكشف الحقائق اليوم، ووضع الدولتين الشقيقتين في قائمة العار من قبل الأمم المتحدة لتسبب هذه الضربات الجوية في مقتل مئات المدنيين، وخاصة من الأطفال، والأضرار بالكثير من المدارس، والمستشفيات رغم وعود المملكة بتصحيح هذه التجاوزات، بل والقيام بمنع شحنات الوقود، والمساعدات الإنسانية للمتضررين من المدنيين بدعوى فرض حصار بحرى لمنع وصول الأسلحة للحوثيين الأمر المسموح به بموجب القانون الدولي والذي يسمح أيضا بتفتيش السفن التي تحمل الأغذية، والوقود، لكنه يمنع تأخيرها لأشهر عديدة بلا سبب سوى فساد القائمين على هذا الأمر، وانعدام إنسانيتهم وكأنهم لا يرون الكارثة الإنسانية المتفاقمة في اليمن الذي كان يعاني أصلا قبل الحرب التي جاءت بمزيد من الفقر، والمرض، والمجاعات حيث يواجه أكثر من مليون طفل فيه من سوء التغذية الحادة، بينما تحصد الكوليرا المئات منهم خاصة مع إغلاق الكثير من المستشفيات، أو استهدافها في الضربات الجوية، أو من قبل الحوثيين، ومع تأخر شحنات الدواء، وصعوبة الحصول على مياه نظيفة.. الكوارث التي كان من الممكن معالجتها بسبب طرفي الصراع لو كان الهدف المعلن لهذه الحملة حقيقيا.. كل هذا والشرعية مفقودة، والحوثيون في تقدم.
بعد كل ما تكشف يبدو أننا لم نكن ندرك الكثير عن أشقائنا الماسكين بزمام الحكم، والأمور اليوم في دول الحصار، وكانت الأزمة التي افتعلوها مع قطر، والحصار الظالم بغرض التضييق عليها حد تجويع شعبها، ومن ثم كسر إرادتها، بل ومحاولة غزوها، وقلب نظام الحكم فيها إنما واحدة من سلسلة التعديات الإنسانية لديهم، التعديات التي جعلتهم اليوم في قائمة العار العربية، والإسلامية أيضا التي وضعتها الشعوب بنفسها، وليس المنظمات العالمية. وكأنهم بين ليلة وضحاها قد انسلخوا منا، وانسلخنا منهم، فالحمدلله الذي منحنا رئاسة، وحكومة مخلصة واعية لم تتركنا لقمة سائغة في يد من لا يرحم، ولم تجعل منا شعبا لا يجد لذة الانتصار والمجد إلا في الجري خلف الكرة.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
10/10/2017
2868