+ A
A -
تكثر المقالات التي يكتبها سوريون حول موضوع الاندماج في المجتمعات الأوروربية، بالنسبة للسوريين الذي لجؤوا إلى أوروبا خلال السنوات الماضية الأخيرة، وهو موضوع ملح وضاغط، ويشكل هاجسا كبيرا لدى السوريين، ولدى المعنيين بالشأن السوري، لا سيما المشتغلون بمنظمات المجتمع المدني التي تبنت، في قسم كبير منها، قضية اللجوء ومشاكل اللاجئين إلى أوروبا، وفي مقدمتهم السوريون، نظر لراهنيته من جهة، ولازدياد أعداد السوريين اللاجئين وانعدام الأفاق التي يمكنها أن تنبئ بعودة قريبة لهم إلى سوريا. وهو ما يجعل موضوعة مثل موضوعة اللجوء والاندماج ملحة وجاذبة للصحفيين أو الكتاب السوريين الذين يكتبون مقالات دورية في الصحافة العربية والأجنبية، غير ان المتابع للمقالات المعنية سيجد أن غالبية ما كتب عن هذا الموضوع قد كتب بعجالة وسطحية وباستسهال واضح، إذ أن معظم ما كتب كان في توصيف حالة السوريين في المجتمعات الأوروبية، كيف يعيشون وكيف يتصرفون وكيف يدبرون شؤون حياتهم، وكيف يصطدم قسم كبير منهم بثقافة جديدة مغايرة تماما لكل مفاهيم وبديهيات حياته، لابأس، من الضروري جدا توصيف حالة السوريين في مجتمعاتهم الجديدة، ومن الضروري أيضا وضع الحقائق كما هي، خصوصا إذا كانت الغاية من كل ذلك هي استنباط حلول للمشاكل التي تعانيها الشرائح السورية المستهدفة من الكتابة، وهو ما يحتاج إلى جهود مراكز أبحاث متعاونة مع مختصين نفسيين ومجتمعيين، يشتغلون مع منظمات المجتمع المدني في أوروبا للوصول إلى حلول حاسمة، جزئيا، لهذه المشكلات البالغة التركيب. وحتى هذه إن وجدت، فيجب أولا ان تاخذ في عين الاعتبار أن السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا، لا يمكن التعامل معهم كما يتم التعامل مع لاجئ خرج من بلاده بشكل عادي، بحثا عن مستقبل آمن ومطمئن، وعن كرامة إنسانية لم يجدها في بلاده، فمع هذا البحث الذي يطلبه السوري فإنه أولا هو هارب من الموت الذي يلاحقه إلى كل تفاصيل حياته، هو هارب من جحيم حقيقي، ومن استهداف مباشر له، بعد ان تم التنكيل به كفرد وكمجموعة بشرية تعيش على بديهيات اجتماعية وإيمانية دينية متأصلة فيها، كما أن هذا السوري الواصل إلى أوروبا قد فقد كل شيء يربطه بما كان يسمى وطنا، لم يبق له ما يجعله يفكر بهذا الوطن سوى ذاكرة منهكة وأنقاض حياة وتراب يضم أجساد أحباء فقدهم نهائيا، هذا عدا ما لاقاه معظم السوريين من أهوال مخاطر في رحلات لجؤوهم إلى بلاد الأمان، وعدا ما صادفوه من امتهان لكراماتهم من قبل السلطات، في كل الدول، تقريبا، التي عبروها، عربية وإقليمية ودولية، كما أن المدة الزمنية التي مضت على وجودهم في أوروبا حتى الآن لا تكفي حتى لالتقاط الأنفاس بعد كل الهول الذي لاقوه، عدا عن تجربة الحياة في الكامبات.
بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
10/10/2017
2423