+ A
A -
تواقتت عملية الاستفتاء في إقليم كردستان العراق مع رحيل الرئيس العراقي الأول في عهد ما بعد صدام حسين، الكردي العراقي جلال الطالباني. فقد رَحَلَ (مام جلال) بعد أقلِ من عشرةِ أيامٍ من إجراءِ الاستفتاءِ الذي دعا اليه ورعاه وقاده زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني، وهو الحزب المُنافس تاريخياً لحزب الطالباني الاتحاد الوطني الكردستاني، وقد تَحفَظَ هذا الحزب وبالإجمال على مسألة الاستفتاء، وتحديداً بالنسبة لشمولها محافظة كركوك، ليس من موقع رفض الانفصال عن العراق وإنما من موقع المُشكك بنوايا مسعود البرزاني الخاصةِ من كلِ عمليةِ الاستفتاءِ بعد سنواتٍ من الاستحقاق الدستوري المطلوب لانتخاب رئيسٍ جديد للإقليم، وبعد تراجع شعبية الحزب الديمقراطي، وصدور سلسلة من الإشارات والمعلومات المُتسربة والمُتعلقة بفساد بطانة البرزاني مالياً وسلوكياً، واستفادتهم من بترول الإقليم المُصدّر عن طريق تركيا لصالح ملء جيوب مجموعة الحزب الديمقراطي وعددٍ من قياداته. وأكثر من ذلك فقد انقسمت مجموعة الاتحاد الوطني الكردستاني في برلمان الإقليم بقيادة برهم صالح مشكلاً كياناً سياسياً جديداً، ومتخذاً في الوقت نفسه موقفاً واضحاً وصريحاً من سياسة مسعود البرزاني بما في ذلك التحفظ على مسألة الاستفتاء.
رحيل جلال الطالباني، المعروف عنه براغماتيته العالية، ودهاؤه السياسي، وتواصله مع جميع الأطراف دون استثناء، أفقد الساحةِ الكرديةِ العراقيةِ حالة فريدة من حالات العمل السياسي، التي يُمكن لها أن تساعد على ضبط ايقاعات الحراك الكردي في الخريطة السياسية العراقية في مواجهة المُتهور مسعود البرزاني الذي غامر هذه المرة بإصراره على الاستفتاء، واختار لنفسه السير على حد السكين في معادلة شديدة التعقيد يعيشها العراق وعموم المنطقة الشرق أوسطية.
(يتبع)

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
10/10/2017
1943