+ A
A -
ليس على طريقة: «من شاف بلوة غيره هانت عليه بلوته» ننظر إلى المد الكتالوني القوي الهادف إلى الانفصال عن إسبانيا، فمن المؤكد أن منطقتنا لن تجد في ذلك عزاءً ومبررا لتطلع كردستان العراق إلى الانفصال والاستقلال، ولكن في الوقت ذاته علينا ملاحظة أن تنظيم الاستفتاءات الممهدة للانفصال باتت ظاهرة عالمية تهدد بانشطارات سياسية لا تقل بعضها خطورة عن الانشطارات النووية في تداعياتها.
القارة البيضاء العجوز شهدت أكثر الانشطارات عددا وحجما في العالم، وأبرزها ثلاثة انشطارات، أولاها: تفتت الاتحاد السوفياتي، أو الأمبراطورية الحديدية الحمراء، إلى عدة دول، وثانيها: انشطارات يوغوسلافيا أو بلاد العم تيتو، وثالثها: ما يتهدد إسبانيا حاليا حيث يسعى إقليمان، هما إقليما كتالونيا والباسك إلى الانفصال والاستقلال، وعلينا أيضا ألا نتجاهل ظهور نزعة انفصالية في ولاية كاليفورنيا الأميركية بالترادف مع فوز الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب.
أما في منطقتنا فكان انفصال جنوب السودان أول الانشطارات الخطيرة، ولكن الحدث الأخطر هو سعي كردستان العراق إلى الانفصال، وهو ما قد يفتح الباب لحرب إقليمية لا أول لها ولا آخر، كما أن هناك صوتا انفصاليا قبائليا وأمازيغيا مزعجا في دول المغرب العربي الشقيقة وصلت أصداؤه إلى الأمم االمتحدة في صورة مذكرات تطالب باستفتاء انفصالي.
وعلى الرغم من تجربة التنوع العرقي في دول العالم الجديد مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ودول أميركا اللاتينية، التي استقبلت أعراقا من كل أصقاع دنيانا تعيش في تسامح، ونجحت أغلبها في بناء اقتصادات غنية وضخمة، إلا أن هناك من يحاول بناء دول استنادا إلى عرق أو طائفة، رغم أن عالمنا أصبح في كثير من أصقاعه بشرية خلاسية، تمتزج فيها الأعراق امتزاجا كبيرا.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
09/10/2017
1519