+ A
A -
حينما فر «قيصر» المصور السابق في جهاز الشرطة العسكرية السورية من سوريا عام عام 2013 وكان في حوزته 55 ألف صورة توثق جرائم نظام الأسد ضد المعتقلين السياسيين، والتي تعرف من خلالها آلاف السوريين على أقاربهم الذين اختفوا في ظروف قسرية بعدما ألقت قوات الأسد عليهم القبض في أعقاب اندلاع الثورة، قامت الدنيا ولم تقعد، وهدد الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما بأنه سوف يجر الأسد وكل أركان نظامه إلى المحاكم الدولية، وأن بقاءه في الحكم لم يعد أمرا مقبولا، كما هدد الزعماء الأوروبيون الآخرون وقالوا إن هذه الصورة كافية كأدلة على تورط النظام في جرائم ضد الإنسانية، وبينما كان القادة الغربيون يطلقون التهديدات، كان أهالي الضحايا يتأملون في كل صورة علهم يجدون بين الضحايا عزيزا لهم فقدوه، أخا أو أبا أو قريبا، وقد فتح في فرنسا تحقيق بالفعل من خلال الصور التي سربها «قيصر»، لكنه مازال في طوره الأول حتى الآن بعدما تطور الأمر لدى الغربيين من لا مكان للأسد إلى أنه لا حل دون الأسد.
الجديد في الأمر هو أن «المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان»، وهو منظمة غير حكومية، أعلن يوم الجمعة الماضي أنه تسلم 27 ألف صورة جديدة غير منشورة من قبل، سربها نفس المصدر السابق «قيصر» المصور السابق في الشرطة العسكرية السورية، وأنهم قاموا بتسليم تلك الصور هذه المرة إلى القضاء الألماني، الذي يحقق في جرائم الأسد، والذي تسمح قوانينه بالتحقيق في تلك الجرائم، حتى لو وقعت خارج الحدود الألمانية، وقال الأمين العام للمنظمة وولفغانغ كاليك إن «هذه الصور تظهر التعذيب المنهجي الذي يمارسه نظام الأسد وحتى الآن لم يطلع أي محققين دوليين أو مدعين عامين في دول أخرى أو محاكم على تلك الصور»، وأكد على أن النيابة العاملة الفيدرالية الألمانية هي السلطة الأولى التي تعاملت مع هذه المعلومات، والتي قد تستخدم من أجل إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد مرتكبي هذه الجرائم من النظام السوري. وحتى تؤكد المنظمة على التوثيق الدقيق لتلك الصور أرفقت معلومات تؤكد أماكن التقاط الصورة وتواريخها كما قدمتها بجودة عالية، وهو عامل مهم لدي جهات البحث وتوثيق الأدلة.
هذه هي المرة الثانية خلال أربع سنوات التي يتم فيها الكشف عن جرائم موثقة بالصورة من شخص كان يعمل داخل النظام، وهو يقدم الصور موثقة بالتواريخ والأماكن، وبالتالي فهناك الآن أكثر من قضية بل هناك 43 قضية مسجلة في ألمانيا الآن ضد الأسد و12 مسؤولا من كبار رجالاته الأمنيين على رأسهم علي مملوك، المجرم الأكبر في النظام، كما يوجد تحقيق فتح في فرنسا قبل عامين حول صور وأدلة ومعلومات أخرى حول جرائم ضد الإنسانية ارتكبها الأسد ونظامه، لكن المشكلة هي أن النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة والغرب يعمل الآن على أن يكون الأسد جزءا من الحل.. فهل تصبح هذه الجرائم بأدلتها مجرد ذكرى ومرجعية لأهالي الضحايا؟!!
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
25/09/2017
6335